وما أضفته إلى الأصحاب من ... قول وفعل فهو موقوف زكن

فالموقوف: ما يضاف إلى الصحابة من أقوالهم وأفعالهم، يسمى موقوف، وهو تمام القسمة؛ لأن القسمة للأخبار باعتبار الإضافة ثلاثية: المرفوع، والموقوف، والمقطوع، فالمرفوع: ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، والموقوف: ما يضاف إلى الصحابة -رضوان الله عليهم-، والمقطوع ما يضاف إلى التابعين ومن دونهم، وسبق البحث في المرفوع والمقطوع، هنا الموقوف قول وفعل، المرفوع قول وفعل وتقرير، هل نقول: من الموقوف التقرير بأن يفعل بحضرة الصحابي شيء ولا ينكره؟ هل نقول: إن هذا موقوف يمكن إضافته للصحابي؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقر على منكر، لا يقر، بل لا بد أن ينكر، ولذا التقرير سنة، وجه من وجوه السنة كالقول والفعل، لكن هل يمكن فيما يضاف إلى الصحابة التقرير؟ نعم الصحابة هم أغير الناس على محارم الله -جل وعلا-، لكن قد يحتاج الإنسان إلى أن يداري، يحتاج الإنسان إلى أن يجتهد، فيرى أن هذا ليس بمحل للإنكار، أو يخشى أن يترتب عليه مفسدة أعظم من المنكر فيسكت، ولذا الساكت لا ينسب له قول، ولم يضيفوا التقرير إلى الموقوف، اكتفوا بالقول والفعل.

من أهل العلم من الفقهاء من يسمي الموقوف الأثر، بعض الفقهاء من الشافعية، بل من الخراسانيين على وجه الخصوص يطلقون الأثر ويريدون به الموقوف، ومقتضى صنيع البيهقي في المعرفة (معرفة السنن والآثار) السنن المرفوعة والآثار، يعني الموقوفات يؤيد هذا، لكن الأكثر يطلقون الأثر ويريدون به الأحاديث والأخبار، سواء كانت مرفوعة أو موقوفة، ومن هذا مشكل الآثار، وشرح معاني الآثار، هذا ليس خاص بالموقوفات، وانتسب إلى الأثر جمع من أهل العلم، فإذا قيل فلان بن فلان الأثري، هل معنى هذا أنه يهتم بالموقوفات دون المرفوعات؟ نعم، لا، الأصل المرفوع، فمن يعتني بالحديث بالسنة عموماً يقال له: أثري، انتسب إلى الأثر جمع من أهل العلم، الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

يقول راجي ربه المقتدر ... عبد الرحيم بن الحسين الأثري

نسبة إلى الأثر، واهتمامه بالمرفوع كما هو معلوم أعظم من اهتمامهم بالموقوف.

ومرسل منه الصحابي سقط ... وقل: غريب ما روى راوٍ فقط

"مرسل منه الصحابي سقط" المرسل: ويجمع على مراسل ومراسيل، كالمسند يجمع على مساند ومسانيد، والمفتاح يجمع على مفاتح مفاتيح، المرسل يختلف أهل العلم في تعريفه، والذي ذكره المؤلف: "مرسل منه الصحابي سقط" إن كان يقصد بذلك الجنس، جنس الصحابي فقد يتفق قوله مع قول من يقول: إن المرسل ما يرفعه التابعي، لكن من يضمن أنه ما سقط إلا الصحابي على هذا التعريف؛ لأنا إذا ضمنا أنه لم يسقط إلا الصحابي فجهالة الصحابة لا تضر، فيلزمنا قبوله، لكن إذا رفع التابعي الخبر إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- كما يقرر أهل العلم في تعريف المرسل:

مرفوع تابع على المشهورِ ... ومرسل وقيده بالكبيرِ

فما يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا هو المتفق على تعريفه بالمرسل، لاسيما إذا كان من كبار التابعين، إما إذا ضمنا أن الساقط صحابي فلا يتأتى الخلاف المذكور في المرسل؛ لأن الصحابة كلهم عدول، ذكروا أو حذفوا، فإذا قلنا: بأن المرسل ما يرفعه التابعي، احتمال أن يكون هذا التابعي رواه عن تابعي آخر وأسقطه، والتابعي عن تابعي ثالث وأسقطه، وأسقط معهما الصحابي، ويجتمع في السند الواحد اثنان من التابعين وثلاثة من التابعين أربعة من التابعين خمسة من التابعين، ستة من التابعين في سند واحد، فلو حذف الخمسة وبقي واحد منهم من التابعين وأضافه هذا التابعي الصغير إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- داخل في حد المرسل، وما من واحد من هؤلاء التابعين الذين حذفوا إلا ويحتمل أن يكون ثقة أو ضعيفاً، وإذا وجد هذا الاحتمال قوي القول بأن المرسل ضعيف، المرسل الذي هذا حده، ما يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن المؤلف أو الناظم استدرك عليه في قوله: "ومرسل منه الصحابي سقط" لأننا إذا جزمنا أنه ما سقط إلا الصحابي الخبر صحيح ما يضر ........ الصحابي، لكن إذا قلنا: ما رفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ورد الاحتمال أن هذا التابعي رواه عن تابعي والتابعي عن تابعي إلى آخره، وبالمناسبة الحديث الذي ذكرناه وهو أنزل حديث في الكتب الستة،

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015