نعم، يعرف احتياط شيخه، ولا يرد على البخاري، لكنه يرد على من يريد أن يوظف كلام الإمام البخاري في الرد، يعني لو عرف من أهل التحري من لا يتوسع في المباحات، عرف عنه أنه لا يسكن القصور الفاخرة، ولا يركب المراكب الفارهة، نعم، فاقتدى به مجموعة، وقصدهم من ذلك التضييق على الناس، واستغلوا هذا الاحتياط من هذا العالم، وهذا الورع، وهذا الزهد في الدنيا استغلوه في التضييق على الناس، وتحريم ما أحل الله، نقول: لا، نرد عليهم، ولا نرد على هذا المحتاط، يعني لما يعرف عن السلف أنهم يتركون تسعة أعشار المباح خشية أن يقعوا في المكروه، فضلاً عن المحرم، ثم يأتي من يأتي يقول: إقتداء بالسلف يمنع الناس من هذه المباحات، نقول: لا يا أخي، يقول: السلف امتنعوا فنمنع الخلف نقول: لا يا أخي، فرق بين أن يتورع الإنسان، وبين أن يحرم على الناس ما أباحه الله لهم {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ} [(32) سورة الأعراف] هذا إنكار، فمن يختار لنفسه الاحتياط، ويلزمها بالعزائم هذا يدعى له بخير، لكن لا يمنع الناس مما أباح الله لهم، ما يقول: الناس توسعوا، وعمر كان يلبس الثوب المرقع، وأحمد بن حنبل كان كذا، وفلان كان كذا، نعم أنت اختر لنفسك ما شئت، لكن لا تمنع الناس، فالذي يريد أن يوضف هذه الاحتياطات في تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرم الله، نقول: يمنع، ونرد عليه، وليس معنا هذا أننا نرد ما اعتمد عليه، أو ما تشبث به من دليل، يعني فهم قدامة بن عثمان بن مظعون أن المؤمن إذا آمن واتقى ليس عليه جناح أن يفعل ما شاء، ليس عليه جناح فيما طعم، فليطعم الخمر إذا كان متقي ومحسن ما عليه، استدل بآية، فإذا رددنا عليه هل معنى هذا أننا نرد على الآية؟ نعم، أو على استدلاله بالآية؟ وتوظيف هذه الآية بغض النظر عن النصوص المحكمة؟ نعم، هناك نصوص محكمة تحرم الخمر، وهو يريد أن يستبيح الخمر بهذه الآية المجملة، فإذا رددنا عليه بالنصوص المحكمة ليس معنى هذا أننا ننقض دليله إنما ننقض استدلاله بهذا الدليل ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ لأنه قد يأتيك مبتدع معه أية، يجيك مثلاً خارجي يكفر بالذنوب، ويستدل بآية القتل في سورة النساء، إذا رددت على استدلاله بالآية ليس معناه أنك ترد الآية، نعم، لكن أنت تجمع باعتبارك من أهل السنة، وأهل السنة وسط، يعني فرق بين من يرى أن القتل لا أثر له كأنه ماهو موجود، وأفسق الناس وأفجر الناس إيمانه مثل إيمان جبريل، يعني فرق بين هذا وبين من يرى أنه يخرج من الدين بمثل هذه الكبائر أهل السنة وفقهم الله -جل وعلا- للنظر في النصوص بالعينين كلتيهما؛ لأن الخارجي ينظر بعين، المرجيء ينظر بعين، أهل السنة ينظرون للنصوص بالعينين، فيعملون بنصوص الوعد، ويعملون بنصوص الوعيد، وبالجمع بينهما يكون المسلك الوسط، فإذا استدل الخارجي بأحاديث الوعيد ورد عليه بأحاديث الوعد ليس معناه أننا نقوي مذهب المرجئة، نعم، ونرد على أدلة الخوارج، وهي من الكتاب والسنة، وقل بالعكس إذا رددنا على مرجئ بأحاديث الوعيد ليس معنا هذا أننا نقوي مذهب الخوارج، وننقض الأحاديث والأدلة والآيات التي يستدل بها المرجئة، فالعالم وطالب العلم هو بمنزلة الطبيب، إذا أراد أن يتعامل مع الناس يكون بمنزلة الطبيب الحاذق، ينظر في المرضى وش المرضى؟ المرضى هؤلاء الذين يحتاجون إلى تقويم ووعظ وتوجيه، إن عرفوا بشيء من الغلو يكثر من أحاديث الوعد، إن عرفوا بالتساهل والتفريط يكثر من أحاديث الوعيد، ولا يشبه في هذا الخوارج، ولا يشبه في هذا المرجئة، بل مذهب أهل السنة وسط بين هذا وهذا، يستدلون بهذا وبهذا؛ لأنك لو جئت إلى مجتمع فيهم شيء من الغلو والتطرف والحرص الشديد، نعم، الحرص الشديد مثلاً تأتي بنصوص الوعيد، وش تسوي بهم هؤلاء؟ هؤلاء تزيدهم من تطرفهم وغلوهم، وهي نصوص قال الله وقال رسوله، وإذا جئت إلى مجتمع تفريط وانصراف عن الدين تأتي لهم بأحاديث الوعد تزيدهم، فأنت بحاجة إلى علاج هؤلاء بما يناسبهم، وأنت بحاجة إلى علاج هؤلاء بما يناسبهم، ويبقى أن المذهب الوسط هو الحق، لكن المسألة مسألة علاج.

معنعن كعن سعيد عن كرم ... ومبهم ما فيه راوٍ لم يسم

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015