وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

شرح المنظومة البيقونية

الشيخ/ عبد الكريم الخضيرالدرس الثاني

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

المرفوع والموقوف والمقطوع، يقول -رحمه الله تعالى-:

وما أضيف للنبي المرفوعُ ... وما لتابع هو المقطوعُ

كل ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من قول أو فعل أو تقرير أو وصف هو المرفوع، يسمونه المرفوع، وما أضيف للتابعي فمن دونه يسمونه مقطوع، بينهما مرتبة وهي الموقوف، الموقوف: ما يضاف إلى الصحابي هو الموقوف، فما يقال فيه: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو فعل رسول الله، أو فعل بحضرته وأقر، كل هذا مرفوع، وما يضاف إلى الصحابي هو الموقوف، وما يضاف إلى التابعي فمن دونه هو المقطوع، والمقطوع غير المنقطع، فالمقطوع نسبة، وإن كان بسند متصل هذا المقطوع، نسبة بحيث ينسب إلى التابعي، قال الحسن: كذا، أو فعل كذا، أو ابن سيرين، أو سعيد بن المسيب أو غيرهم من التابعين، يقال: هذا خبر مقطوع، وإن كان إسناده متصلاًَ، والمرفوع: ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وإن كان إسناده منقطعاً، وكذلك ما يضاف إلى الصحابي يقال له: موقوف، سواء كان إسناده متصلاًَ أو منقطعاً، كل هذا يقال له: مرفوع وموقوف ومقطوع.

والمسند المتصل الإسناد من ... راويه حتى المصطفى ولم يبن

المسند: اسم مفعول من الإسناد، ويطلق بإزاء الإسناد والسند، ويطلق ويراد به الكتاب الذي رتبت أحاديثه على أسماء الصحابة كمسند أحمد، ويطلق على الكتاب الذي يروى بالأسانيد، ولو كان ترتيبه على الأبواب، كما في تسمية صحيح البخاري (الجامع الصحيح المسند) لأن أحاديثه مسندة، ويطلق ويراد به المرفوع، ويطلق ويراد به المتصل الإسناد، سواء كان مرفوعاً أو موقوفاً أو مقطوعاً كله مسند، ويطلق ويراد به المرفوع المتصل الإسناد، المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بإسناد متصل، ولذا يقول:

"والمسند المتصل الإسناد من راويه -من راويه- حتى المصطفى ولم يبن" ولم يبن، أي لم ينقطع، إذا عرفنا أنه متصل الإسناد، اتصل إسناده إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو متصل الإسناد، ومرفوع في آن واحد، فجمع بين الأمرين، فمنهم من يقول: المسند ما رفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بسند متصل، ومنهم من يقول: ما رفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو بإزاء المرفوع، ولو كان بسند منقطع، ومنهم من يقول: ما اتصل إسناده سواء أضيف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أو من دونه، فالخلاف قائم بين أهل العلم، لكن أحياناً يطلق فيما يقابل الموقوف، فيقال: أسنده فلان، ووقفه فلان، وحينئذ يكون المراد به المرفوع؛ لأنه مقابل بالموقوف، وحيناً يقال: أسنده فلان، وأرسله فلان، فالمراد بالإسناد هنا اتصال السند "من راويه حتى المصطفى -عليه الصلاة والسلام- ولم يبن" يعني لم ينقطع.

وما بسمع كل راوٍ يتصل ... إسناده للمصطفى فالمتصل

"وما بسمع كل راوٍ يتصل" بسمع، خص الاتصال بما يسمعه كل راوٍ ممن فوقه، لكن هل طرق التحمل خاصة بالسماع؟ لا، هناك طرق للتحمل غير السماع، نعم الأصل في الرواية السماع، الأصل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يحدث والصحابة يسمعون، ويتلقون عنه، هذا الأصل، لكن دل حديث ضمام بن ثعلبة أن القراءة على الشيخ تعطي اتصال، وهي التي تسمى العرض، فالسماع من لفظ الشيخ طريق معتبر بالإجماع، القراءة على الشيخ طريق معتبر للتحمل بالإجماع، المسائل المختلف فيها: الإجازة، المناولة، إلى آخر الطرق المعروفة، النبي -عليه الصلاة والسلام- كتب لأمير السرية كتاباً وناوله إياه، وقال: ((لا تقرؤه حتى تبلغ كذا)) استدل به أهل العلم على صحة الرواية بالمناولة، وكتب إلى الأقطار والملوك كُتب، فصححوا الرواية بالمكاتبة، على كل حال طرق التحمل لا تقتصر على السماع.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015