نصيحة الخطيب لأهل الحديث للتفقه في الدِّين

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[22 - 04 - 08, 10:58 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين

اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحاب أجمعين

نصيحة الخطيب لأهل الحديث للتفقه في الدِّين.

تهذيب ((نصيحة أهل الحديث)) للإمام الخطيب البغدادي.

بقلم: أبي صهيب الحايك.

إنّ رسالة الخطيب هذه نصيحة إلى أهل الحديث للتفقه في الدّين؛ لأن غاية طلب الحديث هو العلم به والتفقه فيه.

وهي على صغر حجمها إلا أن لها فائدة عظيمة، وقد رأيت لهذه الرسالة عدة تحقيقات، أطال بعضهم في تخريج أحاديها، وقصّر بعضهم، وقد اختلف من حقق هذه الرسالة في تصحيح وتضعيف ما فيها من أحاديث وآثار!

فرأيت من الفائدة تهذيب هذه الرسالة وحذف الأسانيد، والاقتصار على ما صحّ فيها عندي، إذ قد يختلف البعض معي في التصحيح والتضعيف، وأنا كذلك اختلف معهم؛ إذ لا نعامل الآثار وأقوال أهل العلم معاملة الحديث الذي يُروى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولكلّ وجهة هو موليها، والله الهادي للصواب.

وهذه الرسالة للخطيب لا تعني أن كلّ أهل الحديث لا يعرفون الفقه، بل أهل الحديث هم أهل الفقه، وإنما لما رأى الخطيب في زمانه عناية الطلبة بكَتْب الحديث وإعراضهم عن التفقه وجّه إليهم هذه النصيحة.

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الخطيب أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت الحافظ -رحمه الله تعالى-:

رسمت في هذا الكتاب لصاحب الحديث خاصةً، ولغيره عامة، ما أقوله نصيحة مني له، وغَيرة عليه، وهو: أن يتميز عمّن رضي لنفسه بالجهل، ولم يكن فيه معنى يلحقه بأهل الفضل، وينظر فيما أذهبَ فيه معظم وقته، وقطع به أكثر عمره، من كتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وجمعه، ويبحث عن علم ما أمر به من معرفة حلاله وحرامه، وخاصه وعامه، وفرضه وندبه، وإباحته وحظره، وناسخه ومنسوخه، وغير ذلك من أنواع علومه قبل فوت إدراك ذلك.

قال الشافعي: "تفقه قبل أن ترأس، فإذا ترأست فلا سبيل إلى التفقه".

وقال أبو أحمد المروزي: كان يُقال: "إنما تَقبل الطينة الخَتم ما دامت رطبة".

أيّ أن العلم ينبغي أن يُطلب في طراوة السّن.

وجاء عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-، أنه قال: ((تفقّهوا قبل أن تُسَوَّدوا)).

قال أبو عُبيد في حديث عمر: "تعلّموا العلم ما دكتم صغاراً قبل أن تصيروا سادة رؤساء منظوراً إليكم، فإن لم تعلموا قبل ذلك استحييتم أن تعلموا بعد الكِبَر، فبقيتم جُهّالاً تأخذون من الأصاغر، فيزري ذلك بكم، وهذا شبيهٌ بحديث عبدالله: ((لن يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم، فإذا أتاهم من أصاغرهم فقد هلكوا)). وفي الأصاغر تفسيرٌ آخر بلغني عن ابن المبارك: أنه كان يذهب بالأصاغر إلى أهل البدع، ولا يذهب إلى أهل السن".

وعن عبدالله بن مسعود قال: ((لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم، وعن أمنائهم وعلمائهم، فإذا أخذوا من صغارهم وشِرارهم هلكوا)).

قال عبدالله بن مسلم بن قُتيبة الدّينوري في هذا الحديث: "يُريد لا يزال الناس بخير ما كان علماؤهم المشايخ، ولم يكن علماؤهم الأحداث؛ لأن الشيخ قد زالت عنه متعة الشباب وحدّته وعَجلته وسفهه، واستصحب التجربة والخبرة، فلا يدخل عليه في علمه الشبهة، ولا يغلب عليه الهوى، ولا يميل به الطمع، ولا يستزله الشيطان إستزلال الحَدَث، ومع السن الوقار والجلالة والهيبة، والحدث قد تدخل عليه هذه الامور التي أمنت على الشيخ، فإذا دخلت عليه وأفتى، هَلك وأهلك".

قال الخطيب: ولا يقتنع بأن يكون راوياً حَسْب ومحدِّثاً فقط.

قال الرّبيع بن سليمان: سمعت الشافعي –وذُكر من يحمل العلم جُزافاً- قال: "هذا مثل حاطب ليل! يقطع حزمة حطب فيحملها، ولعل فيها أفعى فتلدغه، وهو لا يدري".

قال الرّبيع: "يعني الذين لا يسألون عن الحجّة من أين".

وقال أبو بكر محمّد بن الحسن بن دُريد: سُئِل بعضهم: متى يكون الأدب ضارّاً؟ فقال: "إذا نقصت القريحة وكثرت الرواية".

وقال أبو العبّاس بن عقدة يوماً، وقد سأله رجل عن حديث: "أقلوا من هذه الأحاديث، فإنها لا تصلح إلا لمن علم تأويلها".

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015