دل الحديث على أنه ما من نعمة دقت أو عظمت إلا هي من عند الله، وهذا يؤخذ من قوله:"كلكم جائع إلا من أطعمته " ومعلوم أن الطعام متفاوت قلة وكثرة.

الفائدة التاسعة والأربعون:

في الحديث دلالة على أن العري مذموم عند جميع البشر، يسعون لرفعه عن أنفسهم كما يسعون في رفع الجوع، وبهذا نرد على طائفة الطبعائعيين الذين يرون أن من الطبيعة أن يبقى الإنسان عاريا، وكفى بهذا الحديث ذما لهم عند جميع البشر.

ثم قال صلى الله عليه وسلم:"يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم " وفي هذا فوائد كثيرة منها:

الفائدة الخمسون:

مناسبة هذا الجزء من الحديث " إنكم تخطئون بالليل والنهار " لما سبق قبلها من قوله:" كلكم عار إلا من كسوته " أنه لما ذكر العري الحسي، ذكر بعدها العري المعنوي وهي الذنوب، فتناسقت ألفاظ الحديث.

الفائدة الحادية والخمسون:

دل هذا الجزء من الحديث على كثرة خطأ بني آدم لقوله:" إنكم تخطئون بالليل والنهار " وهذا أصل فيهم، فلا يحق لأحد ادعاء الكمال.

الفائدة الثانية والخمسون:

دل هذا الجزء من الحديث على عظيم علم الله سبحانه وتعالى الذي لا تخفى عليه خافية، حيث أنه يحصي جميع خطايا بني آدم.

الفائدة الثالثة والخمسون:

دل قوله:"إنكم تخطئون بالليل والنهار " على حلم الله سبحانه وتعالى الذي يرى خطايا بني آدم ولا يعاجلهم بالعقوبة.

الفائدة الرابعة والخمسون:

في الحديث رد على القدرية الذين يزعمون نفي تقدير الله للمعاصي، فالحديث صريح في أن الله علم ذنوب العباد وقدرها لقوله:"إنكم تخطئون بالليل والنهار ".

الفائدة الخامسة والخمسون:

في الحديث فتح لباب الرجاء أمام المذنبين.

الفائدة السادسة والخمسون:

دل قوله:"وأنا أغفر الذنوب جميعا " على أن الله لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، فالحمد لله على مغفرة ربنا.

الفائدة السابعة والخمسون:

دل قوله:" فاستغفروني أغفر لكم " على أن الإنسان لا غنى له عن الاستغفار لأن ذنوب العباد بالليل والنهار فلا يزيلها إلا الاستغفار، فالحمد لله الذي فتح لنا بابا له.

الفائدة الثامنة والخمسون:

دل قوله:" إنكم تخطئون بالليل والنهار " أن الله كتب على ابن آدم حظه من الذنوب مدرك ذلك لا محالة، فعلى الإنسان الاشتغال بالمجاهدة، ومحاولة التقليل والإصلاح بعد الوقوع.

الفائدة التاسعة والخمسون:

دل الحديث على أن الله كتب علينا الذنوب، إلا أنه فتح بابا لإزالتها، فيعالج هذا بذاك.

الفائدة الستون:

هذا الجزء من الحديث " إنكم تخطئون بالليل والنهار " يربي في قلب المؤمن مراقبة الله حيث علم الله ذنوبه ومطلع عليها.

ثم قال صلى الله عليه وسلم:" يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني " وهذا فيه من الفوائد ما يلي:

الفائدة الحادية والستون:

مناسبة هذا الجزء من الحديث لما قبله أنه لما بيّن لهم نعمه على العباد، وأنه يطعمهم ويكسيهم ويهديهم، بيّن لهم في هذا الجزء من الحديث أنهم لم يفعل ذلك خوفا من ضررهم أو طلبا لمصلحة تعود إليه، فقال:" إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ".

الفائدة الثانية والستون:

قدم الضر في هذا الجزء من الحديث على النفع، فقال:" لن تبلغوا ضري " لأن الغالب الحرص على دفع الضر قبل جلب النفع، فجاء الحديث تمشيا مع الغالب، والله أعلم.

الفائدة الثالثة والستون:

الملاحظ أنه في جملة نفي الضر عنه أكدها بقوله:"إنكم لن تبلغوا ضري "، بينما خلت الجملة الثانية - ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني – من التوكيد، والذي يظهر أن ذلك لبيان زيادة ضعف البشر في جانب إنزال الضر بالله سبحانه وتعالى، فأكد هذا المعنى بحرف التوكيد "إنكم " وفي ذلك من هوانهم وضعفهم ما فيه.

الفائدة الرابعة والستون:

دل الحديث بصريح لفظه عن استغناء الله عن خلقه تماما، وفي ذلك من عظمته وملكه ما يوجب التعلق به وحده.

الفائدة الخامسة والستون:

دل الحديث على أن الله هو الذي يحب لذاته وهذا لله وحده، فإن غيره يعطي لمصلحة ترجع إليه أو لدفع ضرر عنه، وهذا يُنقِص قدر محبته، أما الله سبحانه وتعالى فيعطي الخلق لا لمصلحة ترجع إليه ولهذا يحبه المؤمن كل الحب وأخلصه.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015