فالمتواتر من التواتر وهو التتابع، من التواتر وهو التتابع، وعرفه المؤلف -رحمه الله تعالى-: هو أن يرويه جماعة لا يقع التواطؤ على الكذب عن مثلهم، وهكذا إلى أن ينتهي المخبر عنه: هكذا إلى أن ينتهي إلى المخبر عنه: لو اختل هذا الشرط في أي طبقة من طبقات الإسناد، احتمل أن يقع التواطؤ في هذه الطبقة، فلا بد أن يكون هذا الشرط، مستصحباً في جميع طبقات الإسناد؛ لنجزم بأنهم لم يتواطؤا على الكذب، ولا بد من إسناده إلى شيء محسوس، إما سماع، أو رؤيا أو مشاهدة، أو غيرهما، ولا يدخل في هذا العقليات والأمور المستنبطة ومثلها الإشاعات، فالإشاعات ولو كثر ناقلوها فإنها لا تفيد العلم، ولا يقع الجزم بصدقها ما لم تتوافر فيها الشروط.

الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- يقول: الإشاعات أو ما يشاع من الأخبار ولو كثر ناقلوه فإنه لا يفيد القطع ولو كثر الناقلون.

الآن يصدر خبر من جهة ما، ثم تتناقله وسائل الإعلام في الشرق والغرب -ألوف مؤلفة يتناقلون هذا الخبر- لكن هل يفيد التواتر؟ لا؛ لأن أصله ما استند إلى شيء محسوس، لا عن رؤيا ومشاهدة، ولا عن سماع.

عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لما دخل المدينة ووجد الناس حول المنبر، أهل المدينة كلهم مجتمعون حول المنبر، والنبي -عليه الصلاة والسلام- معتزل نسائه في المشربة، وهو في الحديث الصحيح، أهل المدينة كلهم تناقلوا الخبر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- طلق نساءه، النبي -عليه الصلاة والسلام- حصل بينه وبين نسائه ما يحصل من البشر، طلبوا منه مطالب فآلى أن يعتزل النساء شهراً، وجلس في المشربة؛ اعتزلهن، فصدر إشاعة في المدينة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- طلق نساءه، فصدَّق الناس كلهم، ليش صدقوا؟ لأنه اعتزل، خلاص جلس وحده بدون نساء، ولمدة شهر، فوافقت هذه الإشاعة بعض التصرفات التي قد يظن منها صدق هذه الإشاعة، فصدق الناس بهذا الخبر، فدخل النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد أن استأذن مراراً على .. ، دخل عمر -رضي الله عنه- بعد أن استأذن مراراً فسأله: أطلقت نساءك؟ قال: ((لا))، فثبت أن هذه مجرد إشاعة ولو كثر تناقلها.

فالإشاعات لا يعتمد عليها، ولو كثر ناقلوها، ومثلها ما ينقل في مثل هذه الظروف من أخبار، وسهلت الآن، سهل ترويج الإشاعات، والناس في مثل هذه الظروف -في أوقات الفتن- تشرأب أنفسهم إلى تلقي مثل هذه الأخبار، وسرعان ما ينتشر الخبر في أقطار الأرض.

المقصود أن الإشاعات، يعني على المسلم أن يتثبت، وأهل العلم وضعوا شروطاً شديدة لمن تقبل روايته ومن ترد، فلا بد من اعتبارها، فعلينا أن نعتني بهذا الباب؛ لأن الإشاعات ضررها عظيم، ضررها عظيم، فالتثبت أمر لا بد منه.

يقول: إلى المخبر عنه، فيكون في الأصل عن مشاهدة أو سماع لا عن اجتهاد: يعني المسائل العقلية التي يتوصل فيها إلى النتائج بطريق العقل الفلاسفة كلهم ألوف مؤلفة مجمعون على قدم العالم، وتلقاه عنهم من تلقاه عنهم، لكن هذه مسائل عقلية، لم تنتج لا عن مشاهدة ولا سماع، فعلى هذا لا يفيد التواتر.

أمم الأرض كلها في كتبهم -أعني من غير المسلمين- قد يجمعون على مسائل، لكنها نتيجة دراسات غير مبنية على شيء محسوس نتائج عقلية، ولذا سرعان ما تنتقض؛ يأتي جيل آخر ويدرس هذه المسألة بطريقة أخرى، وينكشف له من الأسرار والأمور ما ينسف به النظرية السابقة، فهذه مجرد نظريات.

والآحاد: جمع أحد، الآحاد جمع أحد، وقد سئل ثعلب -وهو إمام من أئمة اللغة معروف-: هل الآحاد جمع أحد؟ فقال: حاشا أن يكون للأحد جمع، أما أن يكون جمع الواحد فنعم، جمع الواحد فنعم.

ثعلب -رحمه الله تعالى- نظر إلى أيش؟ أيش الذي انقدح في ذهنه؟

أن الأحد اسم من أسماء الله -عز وجل- فإذا قلنا آحاد، معناه أن فيه أحد، وأحد وأحد، والأحد من أسماء الله -عز وجل- هذا انقدح في ذهنه ولذلك نفى: حاشا أن يكون للأحد جمع، لكن هذا صحيح؟ نعم؟

طالب: .......

كيف؟

طالب: .......

الآن الشهر، كم فيه من أحد؟

طالب: .......

هاه؟

طالب: .......

أربعة أيش؟

آحاد، فالأحد من الأسماء المشتركة، ليس من الأسماء الخاصة بالله -عز وجل- فالشهر فيه أربعة آحاد -جمع أحد- فعلى هذا نقول: الآحاد جمع أحد، والأحد والواحد معنىً واحد.

ويعرفون الآحاد -خبر الواحد- بأنه: ما اختل فيه شرط من شروط التواتر.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015