ـ[إبراهيم الأبياري]ــــــــ[31 - 03 - 08, 12:16 ص]ـ

بارك الله فيكم ونفع بكم.

قال الإمام المعلمي في التنكيل:

محمد بن عثمان بن أبي شيبة. جاءت عنه كلمة مرت الإشارة إلى موضعها في ترجمة راويها عنه طريف بن عبيد الله، وفي (تاريخ بغداد) 13/ 420: ((أخبرنا ابن رزق معين وسئل عن أبي حنيفة فقال: كان يضعف في الحديث)). قال الأستاذ ص 147: ((المجسم الكذاب كذبه غير واحد)) وقال ص 168: ((كذاب مكشوف الأمر)).

أقول: أما ما يسميه الأستاذ تجسيما فليس مما يجرح به كما مر في القواعد، وقد بسطت الكلام في قسم الاعتقاديات من هذا الكتاب.

وأما التكذيب فإنه تفرد بنقله أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة وليس بعمدة كما تقدم في ترجمته، وتقدم في ترجمة محمد بن الحسين أنه لا يقبل من ابن عقدة ما ينقله من الجرح ولا سيما إذا كان في مخالفه في المذهب كما هنا. ويؤكد ذلك هنا أن ابن عقدة نقل التكذيب عن عشرة مشهورين من أهل الحديث وتفرد بذلك كله فيما أعلم فلم يرو غيره عن أحد منهم تكذيب محمد بن عثمان، وقد كان محمد ببغداد وبغاية الشهرة كثير الخصوم فتفرد ابن عقدة عن أولئك العشرة كاف لتوهين نقله. وقد كانت بين محمد بن عثمان ومحمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي مطين مشاقة ساق الخطيب بعض خبرها عن الحافظ أبي نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني الذي توسط بينهما، ثم قال أبو نعيم: ((ظهر لي أن الصواب الإمساك عن قبول كل واحد منهما في صاحبه)). وليس في القصة ما هو بين في التكذيب. وذكر الخطيب عن حمزة السهمي أنه سأل الدارقطني عن محمد بن عثمان؟ فقال: ((كان يقال: أخذ كتاب ابن أبي أنس وكتب غير محدث)) وليس في هذا ما هو بين في الجرح لأنه لا يدري من القائل؟ ولا أن محمدا أخذ الكتب بغير حق، أو روى منها بغير حق، والحافظ العارف قد يشتري كتب غيره ليطالعها، كما كان الإمام أحمد يطلب كتب الواقدي وينظر فيها. وقال الخطيب: ((سألت البرقاني عن ابن أبي شيبة فقال: لم أزل اسمع الشيوخ يذكرون أنه مقدوح فيه)). وليس في هذا ما يوجب الجرح، إذ لم يبين من هو القادح وما هو قدحه؟ وكأن ذلك إشارة إلى كلام مطين ونقل ابن عقدة، وقد مر ما في ذلك. وروى الخطيب عن ابن المنادي قال: ((أكثر الناس عنه على اضطراب فيه .... كنا نسمع شيوخ أهل الحديث وكهواهم يقولون: مات حديث الكوفة بموت موسى بن إسحاق ومحمد بن عثمان وأبي جعفر الحضرمي وعبيد بن غنام)) واضطرابه في بعض حديثه ليس بموجب جرحا.

وقال الخطيب أول الترجمة: ((كان كثير الحديث واسع الرواية له معرفة وفهم .... سئل أبو علي صالح بن محمد عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة؟ فقال: ثقة. سئل عبدان عن ابن عثمان بن أبي شيبة فقال: ما علمنا إلا خيرا")) وفي (الميزان) و (اللسان): ((قال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا وهو على ما وصف لي عبدان لا بأس به)). وفي (اللسان) (ذكره ابن حبان في (الثقات) وقال كتب عنه أصحابنا .... وقال مسلمة بن قاسم: لا بأس به كتب الناس عنه ولا أعلم أحدا تركه)). وذكر الأستاذ ص 63 حكاية من (شرح السنة) جاءت من طريق محمد بن عثمان وفيها زيادة هي خالد بن نافع، وراح الأستاذ يتكلم فيها ويحمل على محمد بن عثمان. فأما زيادة خالد بن نافع إن قام الدليل على بطلان ما فيها فالذنب لخالد وأما بقية الحكاية فإنما الإيهام في سياقها، فإنه يوهم أن حمادا شهد عند ابن أبي ليلى بعد ولايته القضاء، والذي تبينه الروايات الأخرى أن حمادا كان يذكر ذلك ثم بعد موت حماد رفعت القضية إلى ابن أبي ليلى وشهد ناس بمثل ما يذكره حماد، وليس من شرط الثقة أن لا يخطئ ولا يهم، فما من ثقة إلا وقد أخطأ، وإنما شرط الثقة أن يكون صدوقا الغالب عليه الصواب، فإذا كان كذلك فما تبين أنه أخطأ فيه اطرح، وقبل ما عداه. والله الموفق اهـ

لطيفة:

قال الحافظ السخاوي في شيخه الحافظ ابن حجر:

وهكذا كان دأبه هضم نفسه على جاري عادة أهل العلم والدين، حتى إني سمعت من لفظه، وقرأت بخطه أنه رأى في المنام سنة ثلاث عشرة وثمانمائة الدارقطني رجلا طويلا، لا أتحقق لون شعر لحيته: هل هو أشيب أم لا؟ فسألته عن الأسئلة التي جمعها ابن طاهر من كلام من سأله عن أحوال الرجال وجوابه عن ذلك، فذكر لي أن أسئلة الحاكم له، أظنه قال: مستقيمة. وما أدري قال: السهمي أو السلمي كذلك. وسمى له آخر ثالثا، ليس هو من الأربعة التي جمع ابن طاهر مسائلهم، وأشار إلى أن الأسئلة التي للبرقاني مختلة. فتعجبت من هذا في نفسي، وقلت: يا سبحان الله! البرقاني أوثق هؤلاء الجماعة، كيف تكون أسئلته دون أسئلتهم!

ثم قلت لنفسي: الأولى أن أسأل الشيخ أبا الحسن عن جميع من في كتاب ابن طاهر رجلا رجلا، فتكون تلك الأسئلة لي. وهممت بذلك، لكن صرت في نفسي أزدري نفسي أن أعد مع هؤلاء، وأتعجب كيف أصير معدودا فيمن سأل الدارقطني. ثم استيقظت ولا أتحقق هل سألته عن شيء منها أم لا. رحمهم الله تعالى. اهـ

الجواهر والدرر ص 164 - 165.

والله أعلم.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015