وقول الحافظ ابن رجب أن أكثر الأئمة قالوا: ليس هو بمحفوظ بهذا الإسناد -يعني بإسناد متصل- وإنما محفوظ عن الزهري عن علي بن الحسين مرسلاً، يقول: كذلك رواه الثقات عن الزهري منهم مالك في الموطأ، ومالك في الموطأ -رحمه الله تعالى- كثيراً ما يعمد على الإرسال، وإن كان الحديث محفوظاً متصلاً بل قد يكون في الصحيحين متصل والإمام مالك -رحمه الله- يسوقه مرسلاً؛ لأن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- لا فرق عنده بين المرسل والمتصل، هو يعمد إلى الطرق المرسلة ويترك -رحمه الله تعالى- الطرق الموصولة؛ لأن المرسل عنده حجة كالمتصل، فكون الإمام مالك يخرجه مرسلاً لا يقدح في الحديث؛ لأنه كثيراً ما يعمد إلى الأحاديث المتصلة فيسوقها من الطرق المرسلة؛ لأنه لا فرق عنده بين المرسل والمتصل، وهو يحتج بالمرسل –كما هو معروف في مذهبه– وأشار إلى ذلك جميع أصحابه، وكذلك ممن يعمل بالمرسل الإمام أبو حنيفة.

واحتج مالك كذا النعمان **** به وتابعوهما ودانوا

لكن المرسل في قول أكثر أهل العلم ضعيف، فهل نرد على ابن البر الذي يقول: أنه محفوظ بالسند المتصل لكون مالك أخرجه مرسلاً، قد يكون موجود عند مالك على الوجهين، والإمام مالك -رحمه الله تعالى- كثيراً ما يعمد إلى الأحاديث المتصلة المعروفة بالاتصال التي لا إشكال في أسانيدها ويرويها مرسلة، وموطأه شاهد طافح بمثل هذا النوع، يونس ومعمر أيضاً رووه مرسلاً عن علي بن الحسين عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وممن قال أنه لا يصح إلا علي بن الحسين مرسلاً الإمام أحمد ويحيى بن معين والبخاري والدارقطني، هؤلاء أئمة هذا الشأن، يقول: قد خلط الضعفاء في إسناده عن الزهري تخليطاً فاحشاً والصحيح فيه المرسل، يقول: ورواه عبد الله بن عمر، عن عمر معروف المكبر، عن الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، عن أبيه فيكون حينئذ متصلاً، وجعله من مسند الحسين بن علي، وخرجه الإمام أحمد في مسنده من هذا الوجه، والعمري ليس بالحافظ كما هو معروف، وخرجه أيضاً من وجه آخر عن الحسين عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وضعفه البخاري في تاريخه من هذا الوجه، وقال: لا يصح إلا عن علي بن الحسين مرسلاً، وقد روي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من وجوه أخر وكلها ضعيفة.

الإمام أحمد حكم على أن الطريقة المرسلة هي المحفوظة، وخرجه في مسنده عن عبد الله بن عمر العمري عن الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه متصلاً، فكيف يحكم على المرسل بأنه هو المحفوظ ويخرجه في مسنده متصلاً، الإمام أحمد -رحمه الله- لم يلتزم في مسنده بالصحة، وهنا مسألة وهي تعارض الوصل والإرسال، وهي مسألة معروفة عند أهل العلم، لا تتعارض الطريق الأولى المخرجة في الترمذي وابن ماجة من رواية الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، مع رواية علي بن الحسين مرسلاً، لكن تعارض الوصل والإرسال فيما أخرجه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر العمري عن الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه، هنا يكون الوصل والإرسال، ولا شك أن من رواه مرسلاً أكثر، ومن رجح إرساله من الأئمة أحفظ، فالمرجح هو الإرسال.

لكن يبقى هل نقول: إن هذا الخبر المرسل يمكن أن يشهد له الطريق الموصول الذي خرجه الترمذي وابن ماجة، يكون شاهداً من حديث أبي هريرة، يكون علي بن الحسين مرة يروى عنه مرسلاً، ومرة موصولاً عن أبيه، ويشهد له حديث أبي هريرة المخرج في سنن الترمذي وابن ماجة، وعلى كل حال الحديث وإن سمعنا ما فيه من أقوال الحفاظ، وقد اختلف في وصله وإرساله وإن كان الراجح فيه الإرسال عند أكثر الحفاظ وهو المحفوظ حينئذ والموصول على قولهم هذا يسمى شاذ، فالذي يعمل بالمرسل كالإمام مالك، وقد خرجه كذلك في موطأه لا إشكال عنده فيه؛ لأنه يعمل بالمرسل، والذي لا يعمل بالمرسل كالإمام أحمد -رحمه الله- يشكل على أصوله؛ لأنه لا يعمل بالمرسل ورجح إرساله وأخرجه في مسنده موصولاً، فيرد على الإمام أحمد لكن مثل هذا الكلام وإن اختلف في وصله وإرساله إلا أن معناه صحيح، وضعفه ليس بشديد، الذي وصله عبد الله بن عمر العمري ضعيف عند الحفاظ من قبل حفظه، لكن ضعفه ليس بشديد، فإذا ضممنا روايته إلى الرواية الأولى إن كانت محفوظة على كلام ابن عبد البر والنووي فشاهد القول يكون له، وحينئذ يبلغ الخبر درجة

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015