أولاً: أن شعبة في هذه الرواية خالف الأثبات من أصحاب قتادة الذين رووا الحديث وجعلوه في مسند أبي الدرداء كسعيد بن أبي عروبة و هشام الدستوائي وهما من أثبت أصحاب قتادة كما ذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (برقم 276) " قال قلت لأبي زرعة سعيد بن أبى عروبة أحفظ أو أبان العطار فقال سعيد أحفظ واثبت أصحاب قتادة هشام وسعيد"،وقال كذلك"أخبرنا محمد بن سعيد المقرى الرازي قال سمعت عبد الرحمن يعنى بن الحكم بن بشير يذكر عن أبى داود قال كان سعيد بن أبى عروبة أحفظ أصحاب قتادة وسعيد من أحفظ الناس لحديث قتادة"، وذكر ابن معين كما في رواية الدوري عنه (برقم3992) " سمعت يحيى يقول قال يحيى بن سعيد القطان إذا سمعت من هشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة وشعبة لا تبال من أيهم سمعت كلهم ثقة"، وذكر ابن رجب في شرح علل الترمذي (ص 362) " قال عثمان بن سعيد هشام في قتادة أكبر من شعبة".

وقد نقل ابن رجب عن البرديجي قوله" أحاديث شعبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كلها صحاح، وكذلك سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي، إذا اتفق هؤلاء الثلاثة على الحديث فهو صحيح، وإذا اختلفوا في حديث واحد فإن القول فيه قول رجلين من الثلاثة، فإذا اختلف الثلاثة توقف عن الحديث، وإن انفرد واحد من الثلاثة في حديث نظر فيه، فإن كان لا يعرف متن الحديث إلا من طريق الذي رواه - كان منكراً" (شرح علل الترمذي لإبن رجب ص 364).

وهذا الحديث رواه عن سعيد بن أبي عروبة يزيد بن زريع وهو من أثبت أصحاب سعيد كما ذكر ذلك الإمام أحمد، ففي العلل ومعرفة الرجال (برقم2581) يقول"كان يزيد بن زريع يحفظ أصناف سعيد بن أبي عروبة"، وقال أيضاً لما سئل عن تفسير قتادة " قال إن كتبته عن يزيد بن زريع عن سعيد فلا تبالي أن لا تكتب أحد"، (سؤالات أبي داود برقم 532)، ونقل مثل هذا عن يحيى بن معين وأبي داود وغيرهم والمعروف كذلك أن يزيد سمع من سعيد قبل الاختلاط.

ورواه كذلك عن سعيد روح بن عبادة وقد سمع منه قبل الاختلاط أيضاً كما ذكر ذلك أبو داود فقال" فقال سماعه قبل الهزيمة كذا قال روح" (سؤالات الآجري برقم 264)، وهذا يدل على ثبوت الحديث عن سعيد.

أما رواية هشام فجاءت من طريق ابنه معاذ وقد قال فيه ابن معين"معاذ بن هشام صدوق ليس بحجة" (تاريخ ابن معين برواية الدوري برقم 4284)، ولكن روايته عن أبيه صالحة كما ذكر ابن عدي"و لمعاذ عن أبيه عن قتادة حديث كثير وله أبيه أحاديث صالحة وهو ربما يغلط في الشيء وأرجو أنه صدوق" (تهذيب التهذيب الجزء العاشر برقم 370)، ورواية معاذ بن هشام عن أبيه مخرجة في الصحيحين.

ثانياً: أن خالد بن الحارث روى الحديث عن شعبة وجعله في مسند ثوبان وخالد من أثبت الناس في شعبة، فقد ذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (برقم1460) "حدثنا عبد الرحمن أخبرنا صالح بن أحمد بن حنبل أخبرنا علي يعني بن المديني قال ذكرت ليحيى بن سعيد أصحاب شعبة فقال كان عامتهم يمليها عليهم رجل إلا خالد ومعاذ فانا كنا إذا قمنا من ثم شعبة جلس خالد ناحية ومعاذ ناحية فكتب كل واحد بحفظه" وقال كذلك"حدثني أبي أخبرنا معاوية بن صالح بن أبي عبيد الله الدمشقي قال قلت ليحيى بن معين من أثبت شيوخ البصريين قال خالد بن الحارث مع جماعة سماهم" وقال كذلك" أخبرنا أبو بكر الأسدي قال سمعت احمد بن حنبل يقول خالد بن الحارث إليه المنتهى في التثبيت بالبصرة"، وذكر الحافظ في التهذيب (برقم 155) " وقال المروزي عن أحمد كان خالد بن الحارث يجيء بالحديث كما يسمع" وهذا يشير إلى أنه سمعه من شعبة هكذا.

ثالثاًً: أن خالد بن الحارث لم ينفرد بهذه الرواية بل تابعه عليها آدم بن أبي إياس وهو من المتثبتين في حديث شعبة كما ذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (برقم 970) عن أبيه عن آدم قوله" كنت سريع الخط وكنت اكتب وكان الناس يأخذون من عندي، وقدم شعبة بغداد فحدث فيها أربعين مجلسا في كل مجلس مائة حديث فحضرت أنا منها عشرين مجلسا سمعت ألفى حديث و فاتني عشرون مجلسا"، وذكر الحافظ في التهذيب (برقم 368) " وقال أحمد كان مكينا عند شعبة وقال أحمد كان من الستة أو السبعة الذين يضبطون الحديث عند شعبة".

إذاً لا نستطيع أن نقول أن الوهم من الراوي عن شعبة وذلك لأن توهيم رجلين أمراً يصعب تصوره خاصة وهما من الضابطين لحديث شعبة.

([1]) أسد الغابة (810)

([2]) أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء (3/ 12)

([3]) أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء , ماهر ياسين فحل

([4]) المعجم الكبير (12/ 271) للطبراني

([5]) المعجم الكبير (24/ 258) للطبراني

([6]) علل الحديث لابن أبي حاتم (1/ 391)

([7]) سنن أبي داود (4/ 131)

([8]) عون المعبود - العظيم آبادي (11/ 160) و نيل الأوطار – الشوكاني (1/ 150)

([9]) المعرفة والتاريخ (2/ 119) للفسوي

([10]) مسند أحمد (2/ 457)

([11]) تصحيفات المحدثين (10) ط/الأولى بيروت

([12]) تهذيب التهذيب (6/ 242)

([13]) هدي الساري373

([14]) مجموع مؤلفات عقائد الرافضة والرد عليها (منة المنان في إبطال ترفض القرآن181/ 118)

([15]) العلل الواردة في الأحاديث النبوية (علل الدارقطني 15/ 20)

([16]) (أثر اختلاف المتون والأسانيد في اختلاف الفقهاء (1/ 271)

([17]) ابو عاصم المصري , ملتقى أهل الحديث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015