ومن الرواة الذين ثبت عنهم الأكل في السوق الحافظ علي بن المديني، قال العجلي:" وبات على بن المديني عند عبد الله بن داود الحفري بالخريبة فدخل حانوت بقال يتعشى فقال له عبد الله لو صبرت ليلة واحدة أكنت تموت أين الدين أين المروءة ما لك مروءة ولا نبل" (91). ولا يضر علي بن المديني هذا ولا غيره بعد ثبوت عدالته.

سابعا: الشح والبخل

نقل هذا عن بعض المحدثين ممن لم يكن في عصور الرواية، وهو الحسين بن عبد الله بن أبي علانة أبو الفرج المقرئ قال الخطيب:" كتبت عنه وكان صدوقا وسماعه صحيحا إلا أنه كان ساقط المروءة شحيحا بخيلا، يفعل أمورا لا تليق بأهل الدين والله يعفو عنا وعنه" (92).

ثامنا: التطفل

ورد الجرح بالتطفل في ترجمة زكريا بن منظور قال الدوري: سُئل يحيى عن زكريا بن منظور فقال: لا بأس به، فقلت: قد سألتك عنه مرة فلم أرك فيه جيد الرأي، أو نحو هذا من الكلام، فقال: ليس به بأس وإنما كان فيه شيء زعموا أنه كان طفيلياً (93). وقال الدوري أيضا: سمعت يحيى يقول زكريا من منظور ليس بشيء فراجعته فيه مرارا فزعم أنه ليس بشيء قال وكان طفيليا (94).

وقد روى عن يحيى تقوية أمره الدارمي وروى عنه تضعيفه أبو داود ومعاوية بن صالح وابن محرز (95). والظاهر أن قول الدوري راجعته فيه مرارا أن هذا كان الرأي الأخير فيه، ويمكن أن يقال إن وصفه بالطفيلي ليس بجرح عند ابن معين بدليل أنه قال ليس به بأس مع علمه بأنه كان طفيليا، ولما ضعفه وذكر أنه كان طفيليا فليس ذلك من قبيل تفسير الجرح كما قد يظن، فمن عبارات ابن معين في تاريخ الدوري (697) قوله:" ليس بشيء وكان قدريا وكان رافضيا"وقوله (853) "ليس به بأس وكان قدريا ".

وقد ضعف زكريا هذا أكثر المحدثين، بل منهم من وهاه وعللوا ذلك بنكارة روايته فقال أبو حاتم:" ليس بالقوي ضعيف الحديث منكر الحديث يكتب حديثه" (96). ولينه أحمد بن حنبل وقال بن المديني والنسائي ضعيف وقال عمرو بن علي والساجي فيه ضعف وقال أبو زرعة واهي الحديث منكر الحديث، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن حبان منكر الحديث جدا يروي عن أبي حازم ما لا أصل له من حديثه، وقال الدارقطني متروك وذكر له ابن عدي أحاديث وقال:" ليس له أنكر مما ذكرته وهو ضعيف كما ذكروا إلا أنه يكتب حديثه" (97).

ولم يقو أمره إلا أحمد بن صالح المصري حيث قال: ليس به بأس. ولم يلتفت إلى جرح ابن معين بكونه طفيليا إلا ابن شاهين وجعل ذلك سبب التوقف فيه!! (98).

تاسعا: يركض على برذون

قال أبو عبيدة الحداد قال ثنا شعبة يوما عن رجل بنحو من عشرين حديثا ثم قال امحها! قال قلنا له: لم؟ قال:" ذكرت شيئا رأيته منه" فقلنا: أخبرنا به أي شيء هو؟ قال: رأيته على فرس يجرى ملء فروجه، وفي رواية في إسنادها ضعف قيل لشعبة:" لم تركت حديث فلان قال رأيته يركض على برذون" (99). وهذا المثال يورده دائما العلماء في سياق الجرح المردود وغير المقبول، وعلى فرض القول بأن المروءة معتبرة فهذا دليل على تعنت شعبة لأنه إنما يفعل ذلك مرة واحدة.

عاشرا: قلة المروءة

قال الخطيب في على بن عبد الصمد أبو الحسن الطيالسي:" وكان كثير الحديث قليل المروءة " بعد أن قال: «وكان ثقة " (100).

هذا آخر ما تيسر لي جمعه وتحريره في هذه المسألة أسال الله تعالى أن يجعله خالصا لوجهه الكريم وأن ينفع به وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت وأستغفرك وأتوب إليك.

ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[14 - 02 - 08, 01:08 م]ـ

الهوامش

1/ لسان العرب (8/ 239) دار الحديث القاهرة.

2/ المصباح المنير (294) المكتبة العصرية.

3/ مغني المحتاج (4/ 427).

4/ الأم (7/ 53) طبعة زهدي النجار، وقال الشافعي لمن سأله: من العدل؟: «ما أحد يطيع الله حتى لا يعصيه، وما أحد يعصي الله حتى لا يطيعه، ولكن إذا كان أكثر عملِه الطاعة ولا يُقدِم على كبيرة فهو عدل» انظر معرفة السنن والآثار للبيهقي (7/ 425) الكفاية (80) طبعة المكتبة العلمية.

5/ بداية المبتدي للمرغناني (155) الهداية شرح البداية للمرغناني (3/ 123).

6/ القوانين الفقهية لابن حزي (203).

7/ الكافي لابن قدامة (4/ 523).

8/ انظر المحلى لابن حزم (9/ 395).

9/ المروءة وخوارمها لمشهور حسن آل سلمان (334).

10/ البخاري (6120).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015