المتفق عليها، وبتلك المناهج ظهرت مرونة الشريعة الإسلامية، وصلاحها - فعلاً - لكل زمانٍ ومكانٍ.

وهذه المكناهج تسمى بـ: "أدلة الأحكام المختلف فيها" أي أن الفقهاء توزعوها فمنهم من يرى العمل بطائفة منها ويرد الطائفة الأخرى، ولكنها معمول بها كلها عند مجموعهم، وهي في إيجاز: (الاستحسان - الاستصحاب - المصالح المرسلة - سد الذرائع - شرع من قبلنا - قول الصحابى - عمل أهل المدينة - العرف والعادة)

هذه المناهج أو المصادر قد ساعدت على تطويق كل ما يجد في الحياة، وللعمل بها شروط - عند الأصوليين -، وكلها تستند إلى النصوص والمقاصد الشرعية، فمثلاً: عمل أهل المدينة من أدلة الأحكام عن الإمام مالك - رحمه الله -، وعمل أهل المدينة المستمر إذا تعارض مع حديث أحاد قدم العمل به على العمل بالحديث.

وحجة الإمام مالك في ذلك: أن أهل المدينة عايشوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، وهم أحفظ من غيرهم للسنن العملية وسلوك النبي في حياته.

وتقديم السنة العملية على السنة القولية إذا تعارضت السنتان أرجح، لجواز أن تكون ناسخة للحديث القولي.

ومثلاً أخر: أن قول الصحابي يتعين الأخذ به عند الإمام الشافعي - رحمه الله - إذا لم يعرف له مخالف من أدلة الشرع.

هذه السياحة الواسعة في مجال التشريع، يحاول صاحب المشروع أن يقلصها أو يقضي عليها تماماً، وهو بهذا ينسف جهود مليون عالم مسلم، على مدى أربعة عشر قرناً من الزمان، ويزج بالأمة إلى الضيق والحرج، وهو يتبع غير سبيل المؤمنين.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015