اختلاف الحديث (صفحة 246)

ذَلِكَ بَيِّنًا فِي مَسْأَلَتِهِ إِذْ قَالَ: أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ قَالَ: أَجَلْ، قُلْتُ: وَلَمْ يَقْبَلِ النَّبِيُّ مِنْ ذِي الْيَدَيْنِ إِذْ سَأَلَ غَيْرَهُ، قَالَ: أَجَلْ، قُلْتُ: وَلَمَّا سَأَلَ غَيْرَهُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَأَلَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ كَلَامَهُ فَيَكُونُ مِثْلَهُ سَأَلَ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَأَلَ مَنْ سَمِعَ كَلَامَهُ، وَلَمْ يَسْمَعِ النَّبِيُّ رَدًّا عَلَيْهِ، فَلَمَّا لَمْ يَسْمَعِ النَّبِيُّ رَدًّا عَلَيْهِ كَانَ فِي مَعْنَى ذِي الْيَدَيْنِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَدِلَّ النَّبِيُّ بِقَوْلِهِ، وَلَمْ يَدْرِ أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيَ النَّبِيُّ فَأَجَابَهُ، وَمَعْنَاهُ مَعْنَى ذِي الْيَدَيْنِ مِنْ أَنَّ الْفَرْضَ عَلَيْهِمْ جَوَابُهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ لَمَّا أَخْبَرَهُ فَقَبِلَ قَوْلَهُمْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يَتَكَلَّمُوا حَتَّى بَنَوْا عَلَى صَلَاتِهِمْ، قَالَ: فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ تَنَاهَتْ فَرَائِضُهُ، فَلَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْهَا أَبَدًا، قَالَ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: هَذَا فَرْقٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَقَالَ مَنْ حَضَرَهُ: هَذَا فَرْقٌ بَيِّنٌ لَا يَرُدُّهُ عَالِمٌ لِبَيَانِهِ وَوُضُوحِهِ، فَقَالَ: فَإِنَّ مِنْ أَصْحَابِكُمْ مَنْ قَالَ: مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّجُلُ فِي أَمْرِ الصَّلَاةِ لَمْ يُفْسِدْ صَلَاتَهُ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّمَا الْحُجَّةُ عَلَيْنَا مَا قُلْنَا، لَا مَا قَالَ غَيْرُنَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ: قَدْ كَلَّمْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِكَ فَمَا احْتَجَّ بِهَذَا، وَلَقَدْ قَالَ: الْعَمَلُ عَلَى هَذَا، فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ أَعْلَمْتُكَ أَنَّ الْعَمَلَ لَيْسَ لَهُ مَعْنًى، وَلَا حُجَّةَ لَكَ عَلَيْنَا بِقَوْلِ غَيْرِنَا، قَالَ: أَجَلْ، قُلْتُ: فَدَعْ مَا لَا حُجَّةَ لَكَ فِيهِ، وَقُلْتُ لَهُ: قَدْ أَخْطَأْتَ فِي خِلَافِكَ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ مَعَ ثُبُوتِهِ، وَظَلَمْتَ نَفْسَكَ بِأَنَّكَ زَعَمْتَ أَنَّا، وَمَنْ قَالَ بِهِ، نُحِلُّ الْكَلَامَ وَالْجِمَاعَ وَالْغِنَاءَ فِي الصَّلَاةِ، وَمَا أَحْلَلْنَا، وَلَا هُمْ، مِنْ هَذَا شَيْئًا قَطُّ، وَقَدْ زَعَمْتَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا سَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ الصَّلَاةَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ زَعَمْتَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ كَلَامٌ، وَإِنْ سَلَّمَ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ قَدْ أَكْمَلَ بَنَى، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ حُجَّةٌ إِلَّا هَذَا كَفَى بِهَا عَلَيْكَ حُجَّةً، وَنَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى عَيْبِكُمْ خِلَافَ الْحَدِيثِ، وَكَثْرَةِ خِلَافِكُمْ لَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015