اختلاف الحديث (صفحة 116)

باب الخلاف فيمن تؤخذ منه الجزية وفيمن دان دين أهل الكتاب قبل نزول القرآن حدثنا الربيع قال: قال الشافعي: فخالفنا بعض الناس فقال: تؤخذ الجزية من أهل الكتاب، وممن دان دين أهل الأوثان ما كان، إلا أنها لا تؤخذ من العرب خاصة إذا دانوا دين أهل الأوثان،

بَابُ الْخِلَافِ فِيمَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ وَفِيمَنْ دَانَ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فَقَالَ: تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَمِمَّنْ دَانَ دِينَ أَهْلِ الْأَوْثَانِ مَا كَانَ، إِلَّا أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنَ الْعَرَبِ خَاصَّةً إِذَا دَانُوا دِينَ أَهْلِ الْأَوْثَانِ، فَأَمَّا الْعَجَمُ فَتُؤْخَذُ مِنْهُمْ، وَإِنْ دَانُوا دِينَ أَهْلِ الْأَوْثَانِ، قَالَ: فَقُلْتُ لِبَعْضِ مَنْ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ: وَمِنْ أَيْنَ قُلْتَ هَذَا؟ قَالَ: ذَهَبْتُ إِلَى أَنَّ الَّذِينَ أُمِرَ بِقِتَالِهِمْ حَتَّى يُسْلِمُوا الْعَرَبُ، قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ الْعَرَبَ إِذَا دَانُوا دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَتَأْخُذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَيَدْخُلُونَ فِي مَعْنَى الْآيَةِ الَّتِي نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَقَدْ تَرَكْتَ أَصْلَ قَوْلِكَ، وَزَعَمْتَ أَنَّ الْجِزْيَةَ عَلَى الدِّينِ لَا عَلَى النَّسَبِ، قَالَ: فَلَا أَقْدِرُ أَنْ أَقُولَ: الْجِزْيَةُ وَتَرْكُ الْجِزْيَةِ وَأَنْ يُقَاتَلُوا حَتَّى يُسْلِمُوا عَلَى النَّسَبِ، وَقَدْ أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجِزْيَةَ مِنْ بَعْضِ الْعَرَبِ. فَقُلْتُ لَهُ: فَلِمَ ذَهَبْتَ أَوَّلًا إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، وَلَسْتَ تَجِدُ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ؟ قَالَ: فَإِنَّ مِنْ أَصْحَابِكَ مَنْ قَالَ: تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ كُلِّ مَنْ دَعَا إِلَيْهَا، وَثَنِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ أَعْجَمِيٍّ أَوْ عَرَبِيٍّ، فَقُلْتُ لَهُ: أَحَمِدْتَ قَوْلَ مَنْ قَالَ هَذَا؟ قَالَ: لَا؛ وَذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ مَنْ قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَرَبَ، فَلَمْ يَأْخُذِ الْجِزْيَةَ إِلَّا مِنْ عَرَبٍ دَانَ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَسَأَقُومُ لِمَنْ خَالَفَنَا وَإِيَّاكَ مِنْ أَصْحَابِكَ بِقَوْلِهِ فَأَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ، وَرَأَيْتُ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ، وَلَا تُؤْكَلَ ذَبَائِحُهُمْ، وَلَا تُنْكَحَ نِسَاؤُهُمْ، وَرُوِيَ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ، وَتُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَجُوسَ لَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْتُ لَهُ: قُلْتَ: إِنَّ الْمَجُوسَ لَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ مَشْهُورٍ عِنْدَ الْعَامَّةِ، بَاقٍ فِي أَيْدِيهِمْ، فَهَلْ مِنْ حُجَّةٍ فِي أَنْ لَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ كَالْعَرَبِ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا مَا وَصَفْتُ مِنْ أَلَّا تُنْكَحَ نِسَاؤُهُمْ، وَلَا تُؤْكَلَ ذَبَائِحُهُمْ، قُلْتُ: فَكَيْفَ أَنْكَرْتَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29] مَنْ دَانَ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ نُزُولِ الْفُرْقَانِ، وَأَنْ يَكُونَ إِحْلَالُ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ إِحْلَالُ نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ دُونَ أَهْلِ الْكُتُبِ سِوَاهُمْ، فَيَكُونُونَ مُسْتَوِينَ فِي الْجِزْيَةِ، مُخْتَلِفِينَ فِي النِّسَاءِ وَالذَّبَائِحِ؟ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ، وَأَمَرَ بِقِتَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015