باب المقاومة أمر بعيد عن الحكمة والسداد. والرأي أن يذهب واحد منا إلى حضرة السلطان ويمسك بتلابيب كرمه فلعله يؤمّننا على أرواحنا. فاتفقوا جميعا على أن يأتي ملك حماة- الذى كان قد أشار بهذا الرأي- إلى خدمة السلطان، فحظي بالعاطفة الملكية وقرنت شفاعته بالإجابة بشرط ألا يخرج ملوك الشام وأمراؤه من القلعة شيئا قلّ أو كثر، وأن يقنعوا بخروجهم سالمين. وتمّ تسطير كتاب الأمان على هذا النحو، لكنّ/ حجارة المنجنيق واصلت العمل.

وفي اليوم التالي خفقت عذبات (?) أعلام سلطان ممالك الشّرق على شرفات السّماء الزّرقاء (?). فعلت الأصوات من القلعة طالبة الأمان، وطلبوا أن ترفع إليهم الراية السلطانية، فحمل «خاصّ طغرل» الرّاية إلى أعلى، ونصبها على جدار البوّابة، وكانت أصوات البشارات من الدّاخل والخارج تصل إلى أسماع الكواكب السيّارة.

وخرج أمراء الشام وملوكهم من القلعة ونزلوا بموضع كان ضيوف الشّرف قد حدّدوه من قبل، فأرسل السلطان لكلّ خلعة على قدر مرتبته، وأمر بأن يحضروا إلى الحفل المضيء للعالم بعد صلاة العشاء، فدخل ملوك الشام وأمراؤه جملة وقد لبسوا الخلع، ونالوا من الطّعام والشّراب نصيبا ليس هناك ما هو أهنأ منه، بخلاف شمس الدين صواب الذي لم يلتفت إلى الخلعة، ولم يتناول كسرة خبز في الخوان. فضاق السلطان بتنّمره وتجبرّه، وقال للأمير «كمال الدين» إنه لم يلبس ثوبنا الأسود ولم يأكل خبزنا. فأجاب كمال الدين: قد أكل بكلتا يديه وبلغ به الشبع مبلغه. فتبسّم السلطان لسماع تلك اللطيفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015