حبيبة لي حجبت عنها ... فما أراها ولا تراني

أخبرنا نفطوية عن ثعلب عن أبي نجدة عن الأصمعي قال: سمعت أعرابية تصف شبابها وهي تقول: كنت والله أحسن من السماء وأشهى من الماء. أنشدنا نفطويه عن ثعلب عن ابن الأعرابي: الطويل

ألم ترني أزمعت صرما وهجرة ... لليلى فما أستطيع صرما ولا هجرا

وما مر يوم مذ لدن إن هجرتها ... ولا ساعة ألا اجهد لها ذكرا

فيا عجبا من وصلي الحبل كي ترى ... جديدا وقد أمست علائقه بترا

فإن تصبحي بعد التجاور والهوىصددت فقد أصبحت في أذني وقرا اخبرنا ابن شقير قال: حضرت المبرد وقد سأله رجل عن معنى قول

الشاعر: الطولي

فلو إن قومي أنطقتني رماحهم ... نطقت ولكن الرماح أجَرَّتِ

فقال: هذا كقول الآخر: الطويل

وقافية قيلت فلم استطع لها ... دفاعا إذا لم تضربوا بالمناصل

فأدفع عن حق بحق ولم يكن ... ليدفع عنكم قالة الحق باطل

قال أبو القاسم: معنى هذا إن الفصيل إذا لج بالرضاع جعلوا في انفه خلالة محدودة، فإذا جاء يرضع أمه نخستها تلك الخلالة فتمنعه من الرضاع. فان كف عن رضاعها وإلا أجرِّوه، والإجرار إن يشق لسان الفصيل إن يقطع طرفه فيمتنع حينئذ من الرضاع ضرورة. فقال قائل البيت الأول: إن قومي لم يقاتلوا فأنا مجر عن مدحهم لأني ممنوع، كأن رماحهم حين قصروا عن القتال بها أجرتني عن مدحهم كما تجر الفصيل عن الرضاع. ففسره أبو العباس بالبيتين اللذين مضيا.

وللإجرار موضع أخر، وهو إن يطعن الفارس الفارس فيمكن الرمح فيه ثم يتركه منهزما يجر الرمح فذلك قاتل لا محالة، ومنه قول الشاعر: الوافر

وآخر منهم أجررت رمحي ... وفي البَجَلِيّ مِعْبلة وقيع

وقول الآخر: الكامل

ونقي بأفضلِ مالنا أحسابَنا ... ونَجُر في الهَيجا الرماحَ ونَدَّعِي

اخبرنا اليزيدي عن عمه أبي القاسم عن أبي محمد يحيي بن المبارك اليزيدي قال: روى عن الشعبي انه قال قال عبد الله بن مسعود في قول الله تعالى إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا. قال: الأمة: الرجل المعلم للخير، والقانت: المطيع، والحنيف: التارك الشرك، اجتباه يقول: اصطفاه وهداد إلى صراط مستقيم يعني يستقيم به إلى الجنة. وآتيناه في الدنيا حسنة. قال: الذكر الطيب والثناء الجميل ما من أمة ولا أهل دين إلا وهم يتولونه ويرضون به. قال أبو القاسم: القنوت في اللغة طول القيام، ومنه قيل للداعي قانت، والمصلي قانت. والحنف: الميل، وقيل للمسلم حنيف لعدوله عن الشرك إلى الإسلام وميله لا رجوع معه. ومنه الحنف في الرجلين وهو إقبال كل واحدة من الإبهامين على صاحبتها وميلها عن سائر الأصابع. وكان الحنيف في الجاهلية من كان يحج البيت ويغتسل من الجنابة ويغسل موتاه ويختتن. فلما جاء الإسلام صار الحنيف المسلم.

أخبرنا الأخفش عن ثعلب عن المبرد عن ابن الأعرابي عن المفضل الضبي قال قال لي أمير المؤمنين المنصور: صف لي الجواد من الخيل، فقلت: يا أمير المؤمنين إذا كان الفرس طويل ثلاث، قصير ثلاث رحب ثلاث، صافي ثلاث فذلك الجواد الذي لا يجارى. قال فسرها، فقلت: أما الثلاث الطوال، فالأذنان والهادي والفخذ، وأما القصار فالظهر والعسيب والساق، والرحاب: المنخر والجبهة واللبان والصافية: للأديم والحافر والعين.

أنشدنا المعنوي قال أنشدنا الفضل بن الحباب قال أنشدني أبو محمد التوزي عن أبي عبيدة لأنيف بن جبلة الضبي فارس الشيط: الكامل

ولقد حلبت الدهر اشطره ... فعرفت ما آتي وما أجتنّب

ولقد شهدت الخيل تحمل شكّتي ... عتد كسرحان القصيمة ينهب

أما إذا استقبلته فكأنه ... للعين جذع من أوال مشذّب

وإذا اعترضت به استوت أقطاره ... وكأنه مستدبرا متصوّب

قال أبو غانم معنى هذه الأبيات مأخوذة من معنى قول أبي أقيصر في وصف فرس. إذا استقبلته أقعى وإذا أستدبرته جبنى وإذا اعترضته استوى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015