فيه وهذا المذهب يؤدي إليه فانظر ما في هذا من البعد وليس فيما ذكرناه إلا ترك اللفظ والمعاطاة بيع ومن لا يجعلها بيعاً فحيث يتطرق إليها احتمال إذ الفعل يضعف دلالته وحيث يمكن التلفظ وههنا هذا التسليم والتسلم للمبادلة قطعاً والبيع غير ممكن لأن المبيع غير مشار إليه ولا معلوم في عينه وقد يكون مما لا يقبل البيع كما لو خلط رطل دقيق بألف رطل دقيق لغيره وكذا الدبس والرطب وكل ما لا يباع البعض منه بالبعض

فإن قيل فأنتم جوزتم تسليم قدر حقه في مثل هذه الصورة وجعلتموه بيعاً قلنا لا نجعله بيعاً بل نقول هو بدل عما فات في يده فيملكه كما يملك المتلف عليه من الرطب إذا أخذ مثله هذا إذا ساعده صاحب المال فإن لم يساعده واضر به وقال لا آخذ درهماً أصلاً إلا عين ملكي فإن استهم فأتركه ولا أهبه وأعطل عليك مالك

فأقول على القاضي أن ينوب عنه في القبض حتى يطيب للرجل ماله فإن هذا محض التعنت والتضييق والشرع لم يرد به فإن عجز عن القاضي ولم يجده فليحكم رجلاً متديناً ليقبض عنه فإن عجز فيتولى هو بنفسه ويفرد على نية الصرف إليه درهماً ويتعين ذلك له ويطيب له الباقي وهذا في خلط المائعات أظهر وألزم

فإن قيل فينبغي أن يحل له الأخذ وينتقل الحق إلى ذمته فأي حاجة إلى الإخراج أولاً ثم التصرف في الباقي قلنا قال قائلون يحل له أن يأخذ ما دام يبقى قدر الحرام ولا يجوز أن يأخذ الكل ولو أخذ لم يجز له ذلك وقال آخرون ليس له أن يأخذ ما لم يخرج قدر الحرام بالتوبة وقصد الإبدال وقال آخرون يجوز للآخذ في التصرف أن يأخذ منه وأما هو فلا يعطي فإن أعطى عصى هو دون الآخذ منه وما جوز أحد أخذ الكل وذلك لأن المالك لو ظهر فله أن يأخذ حقه من هذه الجملة إذ يقول لعل المصروف إلي يقع عين حقي وبالتعيين وإخراج حق الغير وتمييزه يندفع هذا الاحتمال فهذا المال يترجح بهذا الاحتمال على غيره وما هو أقرب إلى الحق مقدم كما يقدم المثل على القيمة والعين على المثل فكذلك ما يحتمل فيه رجوع المثل مقدم على ما يحتمل فيه رجوع القيمة وما يحتمل فيه رجوع العين يقدم على ما يحتمل فيه رجوع المثل ولو جاز لهذا أن يقول ذلك لجاز لصاحب الدرهم الآخر أن يأخذ الدرهمين ويتصرف فيهما ويقول على قضاء حقك من موضع آخر إذ الاختلاط من الجانبين وليس ملك أحدهما بأن يقدر فائتاً بأولى من الآخر إلا أن ينظر إلى الأقل فيقدر أنه فائت فيه أو ينظر إلى الذي خلط فيجعل بفعله متلفاً لحق غيره وكلاهما بعيدان جداً وهذا واضح في ذوات الأمثال فإنها تقع عوضاً في الإتلافات من غير عقد فأما إذا اشتبه دار بدور أو عبد بعبيد فلا سبيل إلى المصالحة والتراضي فإن أبى أن يأخذ إلا عين حقه ولم يقدر عليه وأراد الآخر أن يعوق عليه جميع ملكه فإن كانت متماثلة القيم فالطريق أن يبيع القاضي جميع الدور ويوزع عليهم الثمن بقدر النسبة وإن كانت متفاوتة أخذ من طالب البيع قيمة أنفس الدور وَصَرَفَ إِلَى الْمُمْتَنِعِ مِنْهُ مِقْدَارَ قِيمَةِ الْأَقَلِّ ويوقف قدر التفاوت إلى البيان أو الإصلاح لأنه مشكل وإن لم يوجد القاضي فللذي يريد الخلاص وفي يده الكل أن يتولى ذلك بنفسه هذه هي المصلحة وما عداها من الاحتمالات ضعيفة لا نختارها وفيما سبق تنبيه على العلة وهذا في الحنطة ظاهر وفي النقود دونه وفي العروض أغمض إذ لا يقع البعض بدلاً عن البعض فذلك احتيج إلى البيع ولترسم مسائل يتم بها البيان هذا الأصل

مسألة إذا ورث مع جماعة وكان السلطان قد غصب ضيعة لمورثهم فرد عليه قطعة معينة فهي لجميع الورثة ولو رد من الضيعة نصفاً وهو قدر حقه ساهمه الورثة فإن النصف الذي له لا يتميز حتى يقال هو المردود والباقي هو المغصوب ولا يصير مميزاً بنية السلطان وقصده حصر الغصب في نصيب الآخرين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015