الوظيفة الثانية في وقت الأداء ومن آداب ذوي الدين التَّعْجِيلُ عَنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ إِظْهَارًا لِلرَّغْبَةِ فِي الِامْتِثَالِ بِإِيصَالِ السُّرُورِ إِلَى قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ وَمُبَادَرَةً لعوائق الزمان أن تعوقه عَنِ الْخَيْرَاتِ وَعِلْمًا بِأَنَّ فِي التَّأْخِيرِ آفَاتٌ مَعَ مَا يَتَعَرَّضُ الْعَبْدُ لَهُ مِنَ الْعِصْيَانِ لَوْ أَخَّرَ عَنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ

وَمَهْمَا ظَهَرَتْ دَاعِيَةُ الْخَيْرِ مِنَ الْبَاطِنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَغْتَنِمَ فإن ذلك لمة الملك وَقَلْبُ الْمُؤْمِنِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ فما أسرع تقلبه والشيطان يعد الفقر ويأمر بالفحشاء وَالْمُنْكَرُ وَلَهُ لِمَّةٌ عَقِيبَ لِمَّةِ الْمَلَكِ فَلْيَغْتَنِمِ الفرصة فيه وليعين لزكاتها إن كان يؤديها جميعاً شهراً معلوماً وليجتهد أن يكون من أفضل الأوقات ليكون ذلك سبباً لنماء قريته وتضاعف زكاته وذلك كشهر المحرم فإنه أول السنة وهو من الأشهر الحرم أو رمضان فقد كان صلى الله عليه وسلم أجود الخلق وكان في رمضان كالريح المرسلة لا يمسك فيه شيئاً (?) ولرمضان فضيلة ليلة القدر وأنه أنزل فيه القرآن

وكان مجاهد يقول لا تقولوا رمضان فإنه اسم من أسماء الله تعالى ولكن قولوا شهر رمضان

وذو الحجة أيضاً من الشهور الكثيرة الفضل فإنه شهر حرام وفيه الحج الأكبر وفيه الأيام المعلومات وهي العشر الأول والأيام المعدودات وهي أيام التشريق وأفضل أيام شهر رمضان العشر الأواخر وأفضل أيام ذي الحجة العشر الأول

الوظيفة الثَّالِثَةُ الْإِسْرَارُ فَإِنَّ ذَلِكَ أَبْعَدُ عَنِ الرِّيَاءِ والسمعة قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ جهد المقل إلى فقير في سر (?) وقال بعض العلماء ثلاث من كنوز البر منها إخفاء الصدقة (?) وقد روي أيضاً مسنداً

وقال صلى الله عليه وسلم إن العبد ليعمل عملاً في السر فيكتبه الله له سراً فإن أظهره نقل من السر وكتب في العلانية فإن تحدث به نقل من السر والعلانية وكتب رياء (?) وفي الحديث المشهور سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله أحدهم رجل تصدق بصدقة فلم تعلم شماله بما أعطت يمينه (?) وفي الخبر صدقة السر تطفىء غضب الرب (?) وقال تَعَالَى وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لكم وفائدة الإخفاء الخلاص من آفات الرياء والسمعة فَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يقبل الله من مسمع ولا مراء ولا منان والمتحدث بصدقته يطلب السمعة والمعطي في ملأ من الناس يبغي الرياء والإخفاء والسكوت هو المخلص منه (?) وَقَدْ بَالَغَ فِي فَضْلِ الْإِخْفَاءِ جَمَاعَةٌ حَتَّى اجْتَهَدُوا أَنْ لَا يَعْرِفَ الْقَابِضُ الْمُعْطِي فَكَانَ بعضهم يلقيه في يد أعمى وبعضهم يلقيه في طريق الفقير وفي موضع جلوسه حيث يراه ولا يرى المعطي وبعضهم كان يصره في ثوب الفقير وهو نائم وبعضهم كان يُوصِلُ إِلَى يَدِ الْفَقِيرِ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ بِحَيْثُ لَا يَعْرِفُ الْمُعْطِيَ وَكَانَ يَسْتَكْتِمُ الْمُتَوَسِّطَ شَأْنَهُ وَيُوصِيهِ بِأَنْ لَا يُفْشِيهِ كُلُّ ذَلِكَ توصلاً إلى إطفاء غضب الرب سبحانه واحترازاً من الرياء والسمعة

ومهما لم يتمكن إلا بأن يعرفه شخص واحد فتسليمه إلى وكيل ليسلم إلى المسكين والمسكين لا يعرف أولى إذ في معرفة المسكين الرياء والمنة جميعاً وليس في معرفة المتوسط إلا الرياء ومهما كانت الشهرة مقصودة له

طور بواسطة نورين ميديا © 2015