{قال} نعم التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزوله وقال السدي الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم احسن عملا أي أيكم أكثرللموت ذكرا وأحسن له استعدادا وأشد منه خوفا وحذرا

وقال حذيفة ما من صباح ولا مساء إلا ومنادى ينادى أيها الناس الرحيل الرحيل

وتصديق ذلك قوله تعالى إنها لإحدى الكبر نذيرا للبشر لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر في الموت

وقال سحيم مولى بني تميم جلست إلى عامر بن عبد الله وهو يصلي فأوجز في صلاته ثم أقبل على فقال أرحني بحاجتك فإني أبادر قلت وما تبادر قال ملك الموت رحمك الله قال فقمت عنه وقام إلى صلاته

ومر داود الطائي فسأله رجل عن حديث فقال دعنى إنما أبادر خروج نفسي قال عمر رضي الله عنه التؤدة في كل شيء خير إلا في أعمال الخير للآخرة

وقال المنذر سمعت مالك بن دينار يقول لنفسه ويحك بادرى قبل أن يأتيك الأمر ويحك بادرى قبل أن يأتيك الأمر حتى كرر ذلك ستين مرة أسمعه ولا يراني

وَكَانَ الحسن يَقُولُ فِي مَوْعِظَتِهِ الْمُبَادِرَةَ الْمُبَادِرَةَ فَإِنَّمَا هِيَ الْأَنْفَاسُ لَوْ حُبِسَتِ انْقَطَعَتْ عَنْكُمْ أَعْمَالُكُمُ الَّتِي تَتَقَرَّبُونَ بِهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وجل رحم الله امرأ نَظَرَ إِلَى نَفْسِهِ وَبَكَى عَلَى عَدَدِ ذُنُوبِهِ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عدا يَعْنِي الْأَنْفَاسَ آخِرُ الْعَدَدِ خُرُوجُ نَفْسِكَ آخِرُ الْعَدَدِ فِرَاقُ أَهْلِكَ آخِرُ الْعَدَدِ دُخُولُكَ فِي قبرك

واجتهد أبو موسى الأشعري قبل موته اجتهادا شديدا فقيل له لو أمسكت أو رفقت بنفسك بعض الرفق فقال إن الخيل إذا أرسلت فقاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها والذي بقي من أجلى أقل من ذلك قال فلم يزل على ذلك حتى مات

وكان يقول لامرأته شدي رحلك فليس على جهنم معبرة

وقال بعض الخلفاء على منبره عباد الله اتقوا الله ما استطعتم وكونوا قوما صيح بهم فانتبهوا وعلموا أن الدنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا واستعدوا للموت فقد أظلكم وترحلوا فقد جد بكم وإن غاية تنقصها اللحظة وتهدمها الساعة لجديرة بقصر المدة وإن غائبا يجد به الجديدان الليل والنهار لحرى بسرعة الأوبة وإن قادما يحل بالفوز أو الشقوة لمستحق لأفضل العدة فالتقى عند ربه من ناصح نفسه وقدم توبته وغلب شهوته فإن أجله مستور عنه وأمله خادع له والشيطان موكل به يمنيه التوبة ليسوقها ويزين إليه المعصية ليرتكبها حتى تهجم منيته عليه أغفل ما يكون عنها وإنه ما بين أحدكم وبين الجنة أو النار إلا الموت أن ينزل به فيا لها حسرة على ذي غفلة أو يكون عمره عليه حجة وان ترديه أيامه إلى شقوة جعلنا الله وإياكم ممن لا تبطره نعمة ولا تقصر به عن طاعة الله معصية ولا يحل به بعد الموت حسرة إنه سميع الدعاء وإنه بيده الخير دائما فعال لما يشاء

وقال بعض المفسرين في قوله تعالى فتنتم أنفسكم قال بالشهوات واللذات وتربصتم قال بالتوبة وارتبتم قال شككتم حتى جاء أمر الله قال الموت وغركم بالله الغرور قال الشيطان وقال الحسن تصبروا وتشددوا فإنما هي أيام قلائل وإنما أنتم ركب وقوف يوشك أن يدعى الرجل منكم فيجيب ولا يلتفت فانتقلوا بصالح ما بحضرتكم

وقال ابن مسعود ما منكم من أحد أصبح إلا وهو ضيف وما له عارية والضيف مرتحل والعارية مؤداة

وقال أبو عبيدة الباجي دخلنا على الحسن في مرضه الذي مات فيه فقال مرحبا بكم وأهلا حياكم الله بالسلام وأحلنا وإياكم دار المقام هذه علانية حسنة إن صبرتم وصدقتم واتقيتم فلا يكن حظكم من هذا الخبر رحمكم الله أن تسمعوه بهذه الأذن وتخرجوه من هذه الأذن فإن من رأى محمداً صلى الله عليه وسلم فقد رآه غاديا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015