فإن لهم الرفيق الأعلى لا يشاركون فيه فانظر كيف أفردهم بمرافقة الرفيق الأعلى وذلك لأنهم العلماء والعلماء لهم رتبة مرافقة الأنبياء لأنهم ورثة الأنبياء ومرافقة الرفيق الأعلى للأنبياء ومن يلحق بهم ولذلك لما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض موته بين البقاء في الدنيا وبين القدوم على الله تعالى كان يقول أسألك الرفيق الأعلى (?)

فإذن إن نظر إلى مثمره فهو العلم وإن نظر إلى ثمرته فالورع والتقوى ولا يخفى ما ورد في فضائلهما حتى إن العاقب صارت موسومة بالتقوى مخصوصة بها كما صار الحمد مخصوصاً بالله تعالى والصلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقال الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وآله أجمعين

وقد خصص الله تعالى التقوى بالإضافة إلى نفسه فقال تعالى {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يناله التقوى منكم} وإنما التقوى عبارة عن كف بمقتضى الخوف كما سبق ولذلك قال تعالى {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} ولذلك أوصى الله تعالى الأولين والآخرين بالتقوى فقال تعالى {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} وقال عز وجل {وخافونِ إن كنتم مؤمنين} فأمر بالخوف وأوجبه وشرطه في الإيمان

فلذلك لا يتصور أن ينفك مؤمن عن خوف وإن ضعف ويكون ضعف خوفه بحسب ضعف معرفته وإيمانه وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فضيلة التقوى وإذا جمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم فإذا هم بصوت يسمع أقصاهم كما يسمع أدناهم فيقول يا أيها الناس إني قد أنصت لكم مند خلقتكم إلى يومكم هذا فانصتوا إلي اليوم إنما هي أعمالكم ترد عليكم أيها الناس إني قد جعلت نسباً وجعلتم نسباً فوضعتم نسبي ورفعتم نسبكم قلت إن أكرمكم عند الله أتقاكم وأبيتم إلا أن تقولوا فلان بن فلان وفلان أغنى من فلان فاليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي أين المتقون فيرفع للقوم لواء فيتبع القوم لواءهم إلى منازلهم فيدخلون الجنة بغير حساب (?) حديث رأس الحكمة مخافة الله رواه أبو بكر بن لال الفقيه في مكارم الأخلاق والبيهقي في الشعب وضعفه من حديث ابن مسعود ورواه في دلائل النبوة من حديث عقبة بن عامر ولا يصح أيضاً

وقال صلى الله عليه وسلم لابن مسعود إن أردت أن تلقاني فأكثر من الخوف بعدي // حديث إن أردت أن تلقاني فأكثر من الخوف بعدي قاله لابن مسعود لم أقف له على أصل

وقال الفضيل من خاف الله دله الخوف على كل خير

وقال الشبلي رحمه الله ما خفت الله يوماً إلا رأيت له باباً من الحكمة والعبرة ما رأيته قط

وقال يحيى بن معاذ ما من مؤمن يعمل السيئة إلا ويلحقها حسنتان خوف العقاب ورجاء العفو كثعلب بين أسدين

وفي خبر موسى عليه الصلاة والسلام وأما الورعون فإنه لا يبقى أحد إلا ناقشته الحساب وفتشت عما في يديه إلا الورعين فإني أستحي منهم وأجلهم أن أوقفهم للحساب

والورع والتقوى أسام اشتقت من معان شرطها الخوف فإن خلت عن الخوف لم تسم بهذه الأسامي وكذلك ما ورد في فضائل الذكر لا يخفى وقد جعله الله تعالى مخصوصاً بالخائفين فقال {سيذكر من يخشى}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015