والتكفير هو من الوعيد. فإنه وإن كان القول تكذيبا لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم, لكن قد يكون الرجل حديث عهد بإسلام, أو نشأ ببادية بعيدة. ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجحده حتى تقوم عليه الحجة وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص, أو سمعها ولم تثبت عنده, أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها, وإن كان مخطئا.

وكنت دائما أذكر الحديث الذي في الصحيحين في الرجل الذي: "إذا أنا مت فاحرقوني, ثم اسحقوني, ثم ذروني في اليم, فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا من العالمين. ففعلوا به ذلك, فقال الله له ما حملك على ما فعلت. قال: خشيتك: فغفر له" 1.

فهذا رجل شك في قدرة الله, وفي إعادته إذا ذري, بل اعتقد أنه لا يعاد. وهذا كفر باتفاق المسلمين, لكن كان جاهلا لا يعلم ذلك وكان مؤمنا يخاف الله أن يعاقبه, فغفر له بذلك.

والمتأول من أهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم أولى بالمغفرة من مثل هذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015