فإطلاق النفاق عليهما في الأصل بطريق التواطؤ.

وعلى هذا فالنفاق اسم جنس تحته نوعان. ثم إنه قد يراد به النفاق في أصل الدين, مثل قوله {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} 1 و {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} 2 والمنافق هنا: الكافر.

وقد يراد به النفاق في فروعه. مثل قوله صلى الله عليه وسلم "آية المنافق الثلاث" 3 وقوله "أربع من كن فيه كان منافقا خالصا" 4 وقول ابن عمر: فيمن يتحدث عند الأمراء بحديث, ثم يخرج فيقول بخلافه "كنا نعد هذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم نفاقا"5.

فإذا أردت به أحد النوعين. فإما أن يكون تخصيصه لقرينة لفظية مثل لم العهد, والإضافة. فهذا لا يخرجه عن أن يكون متواطئا كما إذا قال الرجل: جاء القاضي, وعنى به قاضي بلده. لكون اللام للعهد, كما قال سبحانه: {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} 6 أن اللام هي أوجبت قصر الرسول على موسى, لا نفس لفظ "رسول". وإما أن يكون لغلبة الاستعمال عليه, فيصير مشتركا بين اللفظ العام والمعنى الخاص. فذلك قوله: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} فإن تخصيص هذا اللفظ بالكافر إما أن يكون لدخول اللام التي تفيد العهد, والمنافق المعهود: هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015