حالة كل إنسان ودرجة علمه, واختلطت الأحكام وتشعبت ولم ينزل كل إنسان منزلته, ولم تقيم الأمور بموازين الشرع الصحيحة, وصرنا نسمع - حتى بين أولئك الذين ينبغي أن يقدروا مواقعهم في القدوة أمام الشباب المسلم اليوم- من يتحدث عن موقف سياسي, وآخر تكتيكي, إلى آخر ما ابتدع من اصطلاحات الهروب والزيغ, مما أفضى بنا إلى متاهة الصراع حول الأوضاع والأشخاص الذين يستغلون سمو الإسلام, وحماس الشباب, وأحلامهم, ناسين أو متناسين أن الزراعة في الفضاء والفراغ غير ممكنة ... وأن الابتعاد عن منهج التصور الإسلامي لكل شيء لا يخلف إلا آلاما, ولا يسوق إلا إلى صراعات مدمرة داخل العمل الإسلامي, وفقدان الثقة, والأمل, مما يؤدي إلى الإحباط, واليأس, والانسحاب من الصف الإسلامي الذي يعمل الأعداء دائما على تقويض أركان بنيانه, وسلخ أبنائه عنه, فتزداد الجاهلية قوة, تحتل مواقع لها جديدة, تستطيع من خلالها تصويب سهامها إلى المقاتل المكشوفة التي لا جنود حولها يذودون عنها أو يدافعون عن سموها ...

وأمام هذا الواقع المؤلم كان لا بد من الرجوع إلى السلف الصالح الذين خاضوا التجربة, وسبروا أغوارها, وأيقنوا أن النظرة الشرعية هي التي ينبغي علينا دائما الاسترشاد بها في تقييم الأشياء, والأوضاع والأشخاص, وكذلك النظرة المستقبلية التي لا بد أن تقوم على أساس شرعي واضح ليس فيه للهوى محل ولا للانهزام نصيب ...

وهكذا, اقتضى الواقع الإسلامي اليوم ضرورة الرجوع إلى منهاج سلفنا الصالح, والتحصن في قلاع الحق, فلا ندع مكانا لرأي خارج عن الشريعة يعمل في صفوف المسلمين ليصرفهم عن الغاية التي أرسل الرسل من أجلها.

ومع ابن تيمية نسير في صراط مستقيم –إن شاء الله- واضعين التصور الإسلامي منهجا ينظر من خلاله إلى الأشخاص والأوضاع والأحوال, غير آبهين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015