التخويف إنما يكون تخويفا إذا كان هناك مخوف يمكن وقوعه بالمخوف, فإن لم يكن هناك ما يمكن وقوعه امتنع التخويف, لكن يكون حاصله إيهام الخائفين بما لا حقيقة له, كما توهم الصبي الصغير, ومعلوم أن مثل هذا لا يحصل به تخويف لعقلاء المميزين, لأنهم إذا علموا أنه ليس شيء مخوف زال الخوف: وهذا شبيه بما تقول "الملاحدة" المتفلسفة والقرامطة ونحوهم, من أن الرسل صلوات الله وسلامه عليهم: خاطبوا الناس بإظهار أمور من الوعيد لا حقيقة لها في الباطن, وإنما هي أمثال مضروبة لتفهم حال النفس بعد المفارقة, وما أظهروه لهم من الوعد والوعيد وإن كان لا حقيقة له فإنما يعلق لمصلحتهم في الدنيا, إذ كان لا يمكن تقويمهم إلا بهذه الطريقة.

أصناف ثلاثة من أمة محمد: ظالم لنفسه, ومقتصد, وسابق للخيرات:1

ذكر الله تعالى "أولياءه" المقتصدين والسابقين في سورة فاطر في قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِير ُ, جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ, وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ, الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} 2 لكن هذه الأصناف الثلاثة في أمة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة كما قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِير} .

وأمة محمد صلى الله عليه وسلم هم الذين أورثوا الكتاب بعد الأمم المتقدمة, وليس ذلك مختصا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015