الأعمال, كما قال الله تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً} 1 وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} 2 وقال: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} 3.

إن من له ذنوب فتاب من بعضها دون بعض فإن التوبة إنما تقتضي مغفرة ما تاب منه أما مالم يتب منه فهو باق فيه على حكم من لم يتب, لا على حكم من تاب, وعلمت في هذا نزاعا إلا في الكافر إذا أسلم, فإن إسلامه يتضمن التوبة من الكفر الذي تاب منه, وهل تغفر له الذنوب التي فعلها في حال الكفر ولم يتب منها في الإسلام؟ هذا فيه قولان معروفان:

أحدهما: يغفر له الجميع, لإطلاق قوله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام يجب ما كان قبله" رواه مسلم. مع قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَف} 4.

والقول الثاني: أنه لا يستحق أن يغفر له الإسلام إلا ما تاب منه, فإذا أسلم وهو مصر على كبائر دون الكفر فحكمه في ذلك حكم أمثاله من أهل الكبائر. وهذا القول هو الذي تدل عليه الأصول والنصوص, فإن في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم: "قال له حكيم بن حزام: يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ فقال: "من أحسن منكم في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية, ومن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015