يُقَيَّدُ مُطْلَقُهُ بِمُقَيَّدِهِ، وَخَاصُّهُ بِعَامِّهِ، كَيْفَ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ مَذْهَبِهِ تَخْصِيصُ هَذَا الْعَامِّ؟ فَإِنَّهُ يُصَحِّحُ النِّكَاحَ أَلَّا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا، وَأَلَّا يَتَزَوَّجَ وَلَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا، وَمَتَى فَعَلَ ذَلِكَ فَلَهَا الْخِيَارُ، وَهَذَا نَظِيرُ إِنْ جَاءَهَا بِالْمَهْرِ إِلَى وَقْتِ كَذَا، وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ، فَالصَّوَابُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا.

وَقَوْلُهُ: " كُلُّ نِكَاحٍ فِيهِ وَقْتٌ أَوْ شَرْطٌ فَهُوَ فَاسِدٌ " إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ شَرْطَ التَّحْلِيلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَلِهَذَا قَرَنَهُ بِالْمُتْعَةِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُسْتَمْتِعَ، وَالْمُحَلِّلَ لَا غَرَضَ لَهُمَا فِي نِكَاحِ الرَّغْبَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: قِيَاسُ قَوَاعِدِهِ وَأُصُولِهِ بُطْلَانُ هَذَا النِّكَاحِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ لِمَا فِيهِ مِنَ الشَّرْطِ الْمَانِعِ مِنْ لُزُومِهِ، قِيلَ: هُوَ لَمْ يُبْطِلْ نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَبْطَلَهُ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ مُحَرَّمٌ، مَلْعُونٌ فَاعِلُهُ، مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَلِهَذَا لَوْ قَصَدَ بِقَلْبِهِ التَّحْلِيلَ، وَلَمْ يَشْرُطْهُ، أَوْ شَرَطَ أَنْ يُحِلَّهَا لِلْأَوَّلِ فَقَطْ، وَلَمْ يَشْرُطْ طَلَاقَهَا، كَانَ نِكَاحًا بَاطِلًا مَعَ أَنَّهُ لَا شَرْطَ هُنَاكَ يَمْنَعُ لُزُومَهُ.

وَأَحْمَدُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ مَنْصُوصَاتٍ:

الْأُولَى: صِحَّةُ النِّكَاحِ، وَالشَّرْطِ - وَهِيَ أَنَصُّ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَأَصْرَحُهَا، نَقَلَهَا ابْنُ مَنْصُورٍ كَمَا تَقَدَّمَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015