وَالثَّانِي: لَا نَمْلِكُهَا؛ لِأَنَّا شَرَطْنَا تَقْرِيرَهُمْ، وَقَدْ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنَ الْمَقَامِ إِلَّا بِتَبْقِيَةِ مُجْتَمَعٍ لَهُمْ فِيمَا يَرَوْنَهُ عِبَادَةً، وَحَقِيقَةُ الْخِلَافِ تَرْجِعُ إِلَى أَنَّ اللَّفْظَ فِي مُطْلَقِ " الصُّلْحِ " هَلْ يَتَنَاوَلُ الْبِيَعَ وَالْكَنَائِسَ مَعَ الْقَرَائِنِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا؟
الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَفْتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنْ تَكُونَ رِقَابُ الْأَرْضِ لَهُمْ، فَإِذَا وَقَعَ الصُّلْحُ كَذَلِكَ لَمْ يُتَعَرَّضْ لِلْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ، وَلَوْ أَرَادُوا إِحْدَاثَ كَنَائِسَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ فَإِنَّهُمْ مُنْصَرِفُونَ فِي أَمْلَاكِهِمْ.
وَأَبْعَدَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَمَنَعَهُمْ مِنِ اسْتِحْدَاثِ مَا لَمْ يَكُنْ، فَإِنَّهُ إِحْدَاثُ بِيعَةٍ فِي بَلَدٍ هِيَ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ ".
213 - فَصْلٌ
وَأَمَّا أَصْحَابُ مَالِكٍ فَقَالَ فِي " الْجَوَاهِرِ ": إِنْ كَانُوا فِي بَلْدَةٍ بَنَاهَا الْمُسْلِمُونَ فَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ بِنَاءِ كَنِيسَةٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَلَكْنَا رِقْبَةَ بَلْدَةٍ مِنْ بِلَادِهِمْ قَهْرًا، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِرَّ فِيهَا كَنِيسَةً بَلْ يَجِبُ نَقْضُ كَنَائِسِهِمْ بِهَا.