ولكن الأظهر -وهو الذي أرى عليه نظر الأكثر من الفقهاء- وهو أن كلَّ مكان جاز فيه البدو جاز النظر إليه، وكل مكان حرم [فيه] (?) البدو حرم [فيه] (?) النظر إليه، لأنا إن قلنا: إن النظر فيه حرام والبدو للناظر جائز، كان إعانةً على الإِثم، وتمكينًا من المعصية، بمنزلة مَن تناول الحرير للباس ممّن لا يجوز له لباسه، والميتة للأكل ممن لا يجوز له أكلها، قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].

ولأن المفهوم من الشريعة: أن كل ما جاز إبداؤه إنما جاز إذا كان الأمن،

وما حرم إبداؤه إنما حرم لئلا يقع النظر إليه فيستحق ما (خيف) (?) [عليه] (?) من الفتنة.

فمتى أُجيز إبداء شيء فقد أُجيز النظر إليه، ومتى حرم إبداء شيء فالذي لأجله حرم هو خوف النظر إليه.

فالقول بجواز النظر إليه يناقض المنع من إبدائه، ويكون إذا قلنا: إن النظر جائز إلى ما حرم إبداؤه، كأن قد اطلعنا [على] (?) الحرام وأبحنا الإطلاع على ما لا يحل وإن لم يجز إبداؤه، صار بمثابة العورة التي لا يجوز النظر إليها، لوجب سترها، وهل حرم إبداؤها (إلا) (?) لكيلا ينظر إليها؟ فتحريم إبدائها يناقض جواز النظر إليها، هذا هو الصحيح عندي، فاعلمه، وبالله التوفيق.

ولنبدأ الآن بالمسائل في هذا الباب، والله الموفق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015