وقد فرغنا الآن من ذكر الزينة الخفية بالممكن من الذكر، فلنرجع إلى القول في المستثنى الثاني الذين هم مَن يجوز لها إبداؤها [لهم] (*)، فنقول وبالله التوفيق:

(29) - مسألة: البعل (?) والأب يفترقان في إبداء العورة، فلا يحلُّ ذلك للأب، وهذا لا اختلاف ولا ريب فيه، وما عدا العورة- هذا بإطلاق- هل يجوز لها إبداؤه للأب، أو تتخصص منه مواضع المحاسن الباطنة؟ هذا موضع نظر. وليس في الآية دليل على جواز إبدائها، إنما هو الأمر الذي يشترك في رؤيته جميعهم، أقربهم وأبعدهم، كالوجه والكفين والقدمين، هذا هو الذي في الآية بلا شك إباحة إبدائه لهم كلهم، وهذا الذي يُنظر الآن فيه إنما هو مثل البطن، أو ما فوق السرة، وهذا ما لا يجوز إبداؤه لعبدها، ولا لابن بعلها، ولا لأبيه قطعًا، وهاهنا حديث تتقاصر دلالته عن كلِّ هذا المقصود، ويدلُّ على بعضه؛ وهو ما ذكره أبو داود (?)، قال:

122 - حدثنا محمد بن عيسى، نا أبو جميع سالم بن دينار، عن ثابت، عن أنس: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أتى فاطمة بعبدٍ قد وهبه لها، قال: وعلى فاطمة ثوب إذا قَنَّعَت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها، فلما رأى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ما (تلقى) (?)، قال: "إنه ليس عليك بأس؛ إنما هو أبوك وغلامك".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015