لأخرى. فمن الحكمة أن شرع الله سبيلا لتخلص مثل هذين الزوجين من زوجية لا تحقق أغراضها.

ومنها أن الزوج قد يرتاب في زوجته أو يجد فيها من العيوب الخلقية أو الخلقية ما لا يستطيع معه المعاشرة بالمعروف والقيام بحقوق الزوجية.

ومنها أن الزوجة قد تجد من زوجها ما يحملها على حل العقدة التي تربطهما, كأن يمرض بداء عضال لا يمكن البرء منه ولا معاشرته معه، أو يضارها بأقواله أو أفعاله أو أخلاقه، أو يكيدها بعدم الإنفاق عليها, أو يعسر عن نفقتها، أو يغيب عنها المدة الطويلة بلا عذر.

فلا ريب في أنه قد تدعو الحاجة القاهرة إلى حل عقدة الزواج، وأن الحاجة قد تبعثهما معا على الرغبة في الطلاق وقد تحمل أحدهما، فلو لم يشرع الله سبيلا لحل عقدة الزواج عند الحاجة القاهرة لنال بعض الأزواج حرج, وكانت بعض الزوجيات مصدر شقاء دائم، مع أن الله شرع الزواج ليكون مصدر معونة متبادلة ورحمة ومودة.

وإنما أباح الله لكل واحد من الزوجين أن يحل عقدة الزواج وحده ولم يلزم تراضيهما وتوافق إرادتهما عليه, كما لزم تراضيهما على عقده؛ لأن الحاجة الملجئة إلى الطلاق قد تدعو أحدهما إلى الخلاص ويتعنت الآخر ولا يوافقه، فزوجة المسلول أو المجذوم تريد الخلاص من زوجيته وهو لا يرضى، وزوج المريبة يريد الخلاص من زوجيتها وهي لا ترضى. فلهذا لا يشترط تراضيهما على إيقاع الطلاق, بل لكل منهما الانفراد به دفعا للضرر عن نفسه.

وإنما شرع للزوج أن يستقل بحل رباط الزوجية ويطلق بنفسه, ولم يكن للزوجة أن تحل رباط زوجيتها إلا بواسطة القضاء لسببين:

"الأول" أن المرأة في الغالب سريعة الانفعال شديدة التأثر تدفعها انفعالاتها إلى أبعد مدى، فلو كان حل العقدة الزوجية بيدها كانت هذه الرابطة مهددة بالحل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015