تدبره فما أنفعه لشفاء القلب فإن رؤية العمل وطلب العوض عليه والرضى به آفات ما زال أرباب السلوك الصادقين يعرفونها بنفوسهم وفي غيرهم ولذلك وصفوا هذه الوصفات التي تزيلها أو تخفف منها بإذن الله.

ولاحظ هنا قوله رحمه الله: (وأما حظ النفس من العمل فلا يعرفه إلا أهل البصائر الصادقون) مثل طلب حمد الناس ومدحهم والهرب من ذمهم وطلب الرئاسة وتسمى: الشهوة الخفية حيث قد تخفى على من اشتمل بها، وقد ذكر أهل العلم أن الإنسان قد يزهد بالذهب والفضة ولا يزهد بالرئاسة.

وما زال أرباب البصائر أهل المعرفة بالله وبنفوسهم يخافون هذا الداء الخفي، لأن التعلق بالخلق طلباً لتعظيمهم للعبد ومدحهم له يقطع عن الله حيث أن القلب تعلّق بغير مُتَعلّقه الحق وانحرف عن مسيره وصار يُثامن الخلق بطاعاته لحظّ نفسه، فهو يتطلب العِوَض عليها منهم ويستشرف قلبه لذلك، ويتفرع من هذا البلاء فروع خبيثة، منها الميل إلى من يعظمه وإن كان من أهل المعاصي الظاهرة وإن كان من لا يعظمه أطْوَع لله منه فيفضل ذاك عليه ومنها التغاضي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015