أَهْلُهَا الْقَوَاطِعَ الْعَقْلِيَّاتِ، فَهِيَ فِي صَدْرِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40] فَانْظُرْ كَيْفَ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ طَرَائِفَ بَنِي آدَمَ كُلِّهِمْ أَتَمَّ انْتِظَامٍ، وَاشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَكْمَلَ اشْتِمَالٍ.

[أَقْسَامُ النَّاسِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]

[الْقِسْمُ الْأَوَّلِ أَهْلُ الْهُدَى وَالْبَصَائِرِ]

[أَقْسَامُ النَّاسِ] : بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلِ: [أَهْلُ الْهُدَى وَالْبَصَائِرِ] :

فَإِنَّ النَّاسَ قِسْمَانِ: أَهْلُ الْهُدَى وَالْبَصَائِرِ، الَّذِينَ عَرَفُوا أَنَّ الْحَقَّ فِيمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللَّهِ، وَأَنَّ كُلَّ مَا عَارَضَهُ فَشُبُهَاتٌ يُشْتَبَهُ عَلَى مَنْ قَلَّ نَصِيبُهُ مِنَ الْعَقْلِ وَالسَّمْعِ أَمْرُهَا فَيَظُنُّهَا شَيْئًا لَهُ حَاصِلٌ يَنْتَفِعُ بِهِ وَهِيَ: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ - أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 39 - 40] .

وَهَؤُلَاءِ هُمْ أَهْلُ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ أَصْحَابُ الْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِينَ صَدَّقُوا الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَخْبَارِهِ وَلَمْ يُعَارِضُوهَا بِالشُّبُهَاتِ، وَأَطَاعُوهُ فِي أَوَامِرِهِ وَلَمْ يُضَيِّعُوهَا بِالشَّهَوَاتِ، فَلَا هُمْ فِي عَمَلِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْخَوْضِ الْخَرَّاصِينَ الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ، وَلَا هُمْ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015