مقدمة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} (?)، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فقد قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (?). هكذا اقتضت حكمة الله تعالى أن تكون اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، ذلك الكتاب المعجز والخاتم لكل رسالات السماء إلى الأرض، وحري بلغة هذا شأنها أن تكون أوسع اللغات مذهبا، وأكثرها لفظا، وأجلها إفصاحا وبيانا.

يتناول الدارس في هذه المقدمة: الموضوع وسبب اختياره، وأهدافه، والمنهج المتبع، ومادة الدراسة، والجهود السابقة، ثم خطة الدراسة.

أما موضوع الدراسة فهو: ((أثر القراءات القرآنية في الصناعة المعجمية ـ تاج العروس نموذجا)) ويعود سبب اختياره؛ لكونه يدرس جانبا مهما لا زالت المكتبة العربية فقيرة إليه، حيث يدرس مدى أثر القراءات القرآنية، في جانب الصناعة المعجمية، وذلك من خلال معجم "تاج العروس من جواهر القاموس" للزبيدي محمد بن محمد بن عبد الرزاق (1145 - 1205هـ) وعلى الرغم من أن القراءات القرآنية قد ظهر إسهامها بفاعلية في صناعة المعجم العربي منذ "العين" - الذي يعد أول عمل معجمي للعربية - وتُوُسِّعَ في استخدامها فيما تلاه من معاجم موسوعية، فإن المكتبة العربية لا زالت في حاجة لمثل هذه الدراسة.

و"الصناعة المعجمية" علم - من حيث أُطُره وأُصُوله النظرية - جديدٌ لم تَلُكْهُ الألسنُ بَعْد، أما من حيث الممارسة والتطبيق، فهو من العلوم القديمة التي أبدع فيها العرب وشهد لهم بذلك الخصوم، إذاً الجديد فيه يتمثل في التنظير الذي يرسم الأطر والمحاور لينضبط العمل بمنهجيته. فالعرب مارسوا الصناعة المعجمية، ولكن في غياب المنهجية الدقيقة الصارمة الواضحة، التي تضفي على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015