البينة في الاعتقاد. ويلتحق بذلك ما يكون سببُه المنافسةَ في المراتب، فكثيرًا ما يقع بين العصريين الاختلاف والتباين لهذا وغيره. فكلُّ هذا ينبغي أن يُتأنَّى فيه ويُتأمَّل".

أقول: قول ابن حجر: "ينبغي أن يتوقف" مقصوده - كما لا يخفى - التوقّف على وجه التأنّي والتروَّي والتأمل. وقوله: "فهذا إذا عارضه مثله ... قبل التوثيق" محلّه ما هو الغالب من أن لا يلزم من اطراح الجرح نسبةُ الجارح إلى الكذب، أو تعمّدِ الحكم بالباطل، أو الغلطِ الفاحش الذي يندر وقوعُه. فأما إذا لزم شيء من هذا، فلا محيص عن قبول الجرح، إلا أن تقوم بينة واضحة تثبت تلك النسبة.

وقد تتبّعتُ كثيرًا من كلام الجوزجاني في المتشيِّعين، فلم أجده متجاوزًا الحدَّ. وإنما الرجل - لما فيه من النَّصْب - يرى التشيُّع مذهبًا سيئًا، وبدعةَ ضلالةٍ، وزيغًا عن الحقّ وخذلانًا؛ فيطلق على المتشيِّعين ما يقتضيه اعتقاده، كقوله: "زائغ عن القصد - سيَّئ المذهب"، ونحو ذلك.

وكلامه في الأعمش ليس فيه جرح، بل هو توثيق، وإنما فيه ذمّ بالتشيع والتدليس. وهذا أمر متفق عليه: أن الأعمش كان يتشيَّع ويدلّس، وربما دلس عن الضعفاء, وربما كان في ذلك ما يُنْكَر. وهكذا كلامه في أبي نعيم. فأما عُبيد الله بن موسى فقد تكلم فيه الإِمام أحْمد وغيره بأشدّ من كلام الجوزجاني.

وتكلم الجوزجاني في عاصم بن ضَمْرة. وقد تكلم فيه ابن المبارك وغيره، واستنكروا من حديثه ما استنكره الجوزجاني. راجع "سنن البيهقي" (ج 3 ص 51). غاية الأمر أن الجوزجاني هوَّل، وعلى كلِّ حال فلم يخرج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015