وقال الفوطي: كان الحاكم أجود الخلفاء بماله، وبه تفشت حاله فيما سفكه من الدماء التي لا يحصيها إلا الله. وكان الأمر في مدة العزيز فيه انحلال وعفو كبير عن الناس، وظنوا أن ذلك يجوز في مدة الحاكم وجروا على رسمهم، فتجرد له منهم مطلع على جميع أمورهم غير مطرح لعقوبة، فهلك الجم الغفير منهم. وكان في مدة أبيه العزيز بالله قد تكشف على أقوام ممن يطعن في الدولة ويسىء المقالة فيها، فلما صارت له الخلافة انتقم منهم أشد انتقام وعمهم بالعقوبة.

قال: ومن حكايته المشهورة في العدل أن رجلا عربيا ورد على مصر من سجلماسة يريد الحج، فأودع ماله عند رجل في السوق، فلما عاد من الحج طل ماله فأبى أن يدفعه إليه. فتوصل إلى أن أطلع الحاكم على أمره، فقال له اجلس في دكان مقابلا لدكانه، فإذا جزت في ذلك السوق فاعمل كأنك تعرفني وكأني أعرفك. فلما مر الحاكم وقف على الرجل وسأل عن حاله وأكثر معه الوقوف، وانصرف فجاء الرجل الذي عنده الوديعة إلى الرجل وأكب عليه وسأله الصفح عما سلف منه، وأحضر إليه جميع ماله. فعرف الحاكم بذلك، فأصبح الذي أنكر الوديعة مقتولا معلقا برجله.

وكان نقش خاتمه: بنصر الولي العلي ينتصر الإمام أبو علي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015