ومرض غين الخادم، فركب الحاكم لعيادته، وسير إليه خمسة آلاف دينار وخمسة وعشرين فرسا مسرجة ملجمة؛ وقلد الشرطة والحسبة بمصر والقاهرة والجزيرة، والنظر في جميع الأموال والأحوال. ونزل إلى الجامع العتيق ومعه سائر العسكر بخلعه، وقرئ سجله وفيه تشدده في المسكرات والمنع من بيع الفقاع والملوخية والسمك الذي لا قشر له، والمنع من الملاهي ومن اجتماع الناس في المآتم واتباع الجنائز، والمنع من بيع العسل إلا أن يكون ثلاثة أرطال فما دونها.

وفي ذي الحجة وردت هدية تنيس على العادة في كل سنة.

ولم يركب الحاكم لصلاة عيد النحر، فصلى بالناس مالك بن سعيد وخطب. ولم يخرج من النساء إلى الصحراء فلم تر امرأة على قبر.

ومنع من الاجتماع على شاطىء النيل، ومن ركوب النساء المراكب مع الرجال وخروجهن إلى مواضع الحرج مع الرجال. وفيه عمل عيد الغدير على رسمه وفرقت فيه دراهم كثيرة.

ومنع من بيع العنب وألا يتجاوز في بيعة أربعة أرطال، ومنع من اعتصاره، فبيع كل ثمانية أرطال بدرهم، وطرح كثير منه في الطرقات، وأمر بدوسه؛ ومنع من بيعه ألبتة، وغرق ما حمل منه في النيل. وبعث شاهدين إلى الجيزة فأخذ جميع ما على الكروم من الأعناب وطرحت تحت أرجل البقر لدوسه، وبعث بذلك إلى عدة جهات. وتتبع من يبيع العنب، واشتد الأمر فيه بحيث لم يستطع أحد بيعه؛ فاتفق أن شيخا حمل خمرا له على حمار وهرب، فصدفه الحاكم عند قائلة النهار على جسر ضيق، فقال له: من أين أقبلت؟ قال من أرض الله الضيقة. فقال: يا شيخ، أرض الله ضيقة؟ فقال: لو لم تكن ضيقة ما جمعتني وإياك على هذا الجسر. فضحك منه وتركه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015