وأتوا به إلى القائد فضل. فسار به إلى مصر ونزل بركة الحبش يوم الجمعة للنصف من جمادى الآخرة، فخرج إليه قائد القواد بسائر رجال الدولة، وسلم عليه، وأبو ركوة في مضرب ومعه القائد فضل؛ فأقام هناك إلى بكرة يوم الأحد سابع عشره؛ فصار من بركة الحبش بعساكره وأبو ركوة على حمل فوق سرير، وعليه ثوب مشهر، وفوق رأسه طرطور طويل ومعه رجل يمسكه. وذلك أنه لما ألبس الطرطور صاح: يا فضل، يا أبا الفتوح، ما كذا ضمنت لي. فصفع صفعة منكرة وأمسك يديه هذا القائد خلفه، وقد اجتمع الناس من كل جهة، فكان جمعا لم ير مثله كثرة، وأوجرت الدور والحوانيت بحمله وبات الناس على الطرقات حتى وصل به إلى القصر، فأوقف ساعة على باب القصر وهو يشير بأصبعه ويطلب العفو، والصفع في قفاه؛ ويقال له قبل الأرض فيقبل؛ ثم سير به إلى مسجد تبر. فلما خرج من باب القاهرة أشار إلى الناس يرجمونه بالحجر والاجر، ويصفعونه وينتفون لحيته، حتى عاين الموت مرارا، إلى أن بلغ مسجد تبر، فضرب عنقه وصلب جسده؛ وحل رأسه إلى الحاكم؛ فخلع على القائد فضل وغيره من القواد والعرفاء الذين كانوا معه، وخلع على قائد القواد. فكان يوماً عظيما مهولاً لكثرة اجتماع الناس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015