قَالَ: «فَاعْتَرَضَ قَوْمٌ، فَقَالُوا: قَدْ سَبَقَ عِلْمُ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بِنِهَايَةِ أَجَلِ المَرْءِ وَمُدَّةِ صِحَّتِهِ وَشِدَّةِ سَقَمِهِ؛ فَأَيُّ مَعْنًى لِلْعِلَاجِ؟!».

قَالَ: «فَقُلْنَا لَهُمْ: نَسْأَلُكُمْ هَذَا السُّؤَالَ نَفْسَهُ فِي جَمِيعِ مَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ النَّاسُ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَاللِّبَاسِ لِلْمَطَرِ وَالبَرْدِ وَالحَرِّ، وَالسَّعْيِ بِالمَعَاشِ بِالحَرْثِ وَالغَرْسِ وَالقِيَامِ عَلَى المَاشِيَةِ وَالتَّحَرُّفِ بِالتِّجَارَةِ وَالصِّنَاعَةِ، وَنَقُولُ لَهُمْ: قَدْ سَبَقَ عِلْمُ اللهِ - تَعَالَى - بِنِهَايَةِ أَجَلِ المَرْءِ وَمُدَّةِ صِحَّتِهِ وَمُدَّةِ سَقَمِهِ؛ فَأَيُّ مَعْنًى لِكُلِّ مَا ذَكَرْنَا؟! فَلَا جَوَابَ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ عِلْمَ اللهِ - تَعَالَى - أَيْضًا قَدْ سَبَقَ بِمَا يَكُونُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ، وَبِأَنَّهَا أَسْبَابٌ إِلَى بُلُوغِ نِهَايَةِ العُمُرِ المَقُدَّرَةِ، فَنَقُولُ لَهُمْ: وَهَكَذَا الطِّبُّ؛ قَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللهِ - تَعَالَى - أَنَّ هَذَا العَلِيلَ يَتَدَاوَى، وَأَنَّ تَدَاوِيَهُ سَبَبٌ إِلَى بُلُوغِ نِهَايَةِ أَجَلِهِ، فَالعِلَلُ مُقَدَّرَةٌ، وَالزَّمَانَةُ (?) مُقَدَّرَةٌ، وَالمَوْتُ مُقَدَّرٌ، وَالعِلَاجُ مُقَدَّرٌ، وَلَا مَرَدَّ لِحُكْمِ اللهِ - تَعَالَى -، وَنَافِذٌ عِلْمُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَهَذَا الكَسْبُ: مِنْهُ مَا لَيْسَ رِزْقًا، فَلَا يَصِلُ العَبْدُ إِلَيْهِ وَلَوْ جَهِدَ جَهْدَهُ أَوْ سَعَى لَهُ دَهْرَهُ، وَلَوْ صَارَ فِي يَدَيْهِ لَتَلِفَ، وَلَوْ صَارَ فِي فِيهِ لَسَقَطَ مِنْهُ، وَمِنْهُ: مَا هُوَ رِزْقٌ لِلإِنْسَانِ مَحْتُومٌ لَهُ؛ فَقَدْ يَأْتِيهِ بِلَا عَنَاءٍ، وَلَوْ رَامَ أَهْلُ الأَرْضِ صَرْفَهُ عَنْهُ مَا قَدِرُوا؛ فَقَدْ نَجِدُ الفُلْفُلَ (?) بِبِلَادِ الهِنْدِ ثُمَّ يُسَخِّرُ اللهُ لَهُ مَنْ يَجْلِبُهُ (?) إِلَى مَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015