كله مبنى على المتعارف عند أهل كل وقت أو ناحية في قدر الميل فإنه يختلف باعتبار ذلك؛ ولذلك وقع الاختلاف في حد الميل إلى أقوال كثيرة كما في القاموس وغيره وأيضا فقد كانت التقديرات مبنية على التقريب غالبا عند المتقدمين، وكذا يقال في المسافة التي بين تازا وفاس فإن القدر الذى قدرناه فيها هو الذى حرره أهل الفن الآن وحققوه على الوجه السابق، فينبغى أن يختبر به قول الروض هنا إن بينهما نحوا من سبعة برد.

ومن أبين طرق التوفيق أن يقال: إن المسافة التي قدر من قدمنا ذكرهم هى باعتبار الطرق التي كانت مطروقة في أزمنتهم والطرق الموجودة الآن هى غير تلك، لأنها تفارقها تارة وتجامعها أخرى، بحسب ما يقتضيه الخط الهندسى العصرى بالنسبة للسهل والوعر منها كما هو مشاهد وهو جمع حسن والله أعلم.

ولا تظن أن تحرير هذا المبحث لا أهمية له فإن عليه ينبنى مشروعية قصر الصلاة وعدمه لقاطع تلك المسافة، وذلك مما كان يتردد فيه أهل العلم لعدم تحرير قدرها.

الثانى: جزم في الروض هنا بأن مكناسة فرقة من زناتة، والذى جرى عليه ابن خلدون والقلقشندى في صبح الأعشا وابن الخطيب في الحلل الموشية وغيرهم أن مكناسة قبيلة مغايرة لزناتة، وإنما جعلت الإضافة للزيتون فارقا لأن الشيء يتميز عن غيره بخاصته التي اختص بها، إما باعتبار الوجود، وإما باعتبار الكثرة، والثانى هو المراد هنا.

فإن مدينتنا هذه كانت امتازت بكثرة زيتونها كثرة تليق بإضافتها إليه، وإنما قيدت بقولى كانت وبقولى كثرة تليق إلخ، لأن تلك الكثرة امتازت بها قبل لم تبق لهذا العهد ولا فيما قبله بكثير بما توالى عليها من الفتن والأهوال والحروب واختلاف الدول وتقلبات الأحوال، سنة الله التي قد خلت في أرضه وعباده ولأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015