خاتمة:

بعد هذا العرض لحياة أبي هريرة، عرفنا أنه من أسرة عربية يمنية، أسلم قديماً في اليمن على يد الطفيل بن عمرو، وكان يتتبع أخبار المسلمين، ويطمئن عنهم، ثم هاجر ليالي فتح خيبر، ولازم الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخدمه، وسعى ما بوسعه لإرضاء الله ورسوله، وتخلَّق بأخلاق النبي الكريم، وعرف الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه الذكاء والنشاط، فجعله عريف أهل الصُفَّة، وتمسَّك أبو هريرة بالسُنَّة الطاهرة، وكان شديداً في هذا، لا يخشى في الله لومة لائم، يحمل الناس على اتباعها بالحكمة والموعظة الحسنة، لا يفرِّق بين أمير وحقير، وغنيٍّ وفقير، ورأينا قُوَّتَهُ في الحق في موقفه من مروان بن الحكم حين رأى في بيته ما يخالف السُنَّة وحين تأخَّر مروان على الناس في صلاة الجمعة.

وعرفنا حرصه الشديد على طاعة الله ورسوله، وخوفه من الزلل، حتى إنه خاف على نفسه العنت، - وهو شاب في مقتبل العمر، لا يجد طولاً يتزوَّج - فسأل رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «هَلْ أَخْتَصِي؟»، أراد أنْ يضحِّي بشهوته وبنفسه إرضاء لله - عَزَّ وَجَلَّ - ... وعرفنا عبادته وورعه، وكثرة صيامه وقيامه، وزهده في الدنيا، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر.

وعرفنا نشأته العصامية المشرفة، وصبره وتحمله الفاقة، وهو في كل هذا الإنسان الأَبِيِّ العفيف، كريم النفس عزيزها، لم تخفض الحاجة رأسه، ولم تغمض منَّة الأغنياء عينه، كان ضيف رسول الله والمسلمين، زهد في الدنيا فأحبه الله تعالى، واستغنى عما في أيدي الناس، فأحبه الناس، وعرفنا حُبَّهُ للرسول الكريم، وبذله وفناءه في خدمته، وعرفنا عظيم سروره بالإسلام والقرآن وبمحمد - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ورأينا أبا هريرة حين أنعم الله عليه، فكان أخا الفقراء والمساكين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015