حفص وهشام.

ثم شرع في سورة الجن فقال افتح إن مع الواو؛ يعني: مهما جاء وإن فالخلاف في فتحها وكسرها احترز بذلك عن أن يأتي مع الفاء نحو: {فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} فهو متفق على كسره، وعن أن المجردة عن الواو نحو: "أنه استمع" فهو متفق على فتحه: {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا} متفق على كسره فإن كانت مع الواو ليست مشددة فمتفق أيضا على فتحها نحو: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا} فضابط مواضع الخلاف أن تكون أن مشددة بعد واو وذلك في اثنى عشر حرفا متوالية أوائل الآي جميعها لا يخرج عن أنه إنا أنهم، وهي: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} ، {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ} ، {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ} ، {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ} ، {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا} ، {وَأَنَّا لَمَسْنَا} ، {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ} ، {وَأَنَّا لا نَدْرِي} ، {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ} ، {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ} ، {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى} ، {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ} ، أما: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ} ، {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ} فسيأتي ذكرهما فهذه الاثنا عشر فتحها ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص وهم نصف القراء وكسرها الباقون، ومضى معنى قوله: كم شرفا علا في أول سورة الأعراف فوجه الكسر العطف على: {إِنَّا سَمِعْنَا} فالكل في حيز القول أي: {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} وقالوا: وَإِنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا" "وإنه كان يقول" "وإنا ظننا" إلى آخر ذلك، وقيل: إن قوله: "وَإِنَّهُ كَانَ رِجَالٌ"، "وَإنَّهُمْ ظَنُّوا" آيتان معترضتان في كلام الله تعالى في أثناء الكلام المحكي عن الجن، وقيل: بل هما أيضا من كلامهم يقوله بعضهم لبعض، أما الفتح فقيل: عطف على أنه استمع فيلزم من ذلك أن يكون الجميع داخلا في حيز أوحي؛ أي: {أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} ، {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} فهذا وإن استقام معناه في هذا فلا يستقيم في: {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا} ، {وَأَنَّا لَمَسْنَا} ، {وَأَنَّا كُنَّا} ؛ إذ قياسه سفيههم ولمسوا وكانوا.

وقال الزجاج: ذكر بعض النحويين أنه معطوف على الهاء المعنى عنده فآمنا به وبأنه تعالى جد ربنا وكذلك ما بعدها.

قال: وهذا رديء في القياس؛ لا يعطف على الهاء المكنية المخفوضة إلا بإظهار الخافض.

قال مكي: وهو في أن أجود منه مع غيرها لكثرة حذف حرف الجر مع أن.

ثم قال الزجاج: لكن وجهه أن يكون محمولا على معنى آمنا به؛ لأن معنى آمنا به صدقناه وعلمناه فيكون المعنى وصدقنا أنه تعالى جد ربنا قال الفراء: فتحت أن؛ لوقوع الإيمان عليها وأنت مع ذلك تجد الإيمان يحسن في بعض ما فتح دون بعض فلا يمنعك ذلك من إمضائهن على الفتح فإنه يحسن منه فعل مضارع الإيمان، فوجب فتح أن نحو صدقنا وألهمنا وشهدنا كما قالت العرب: وزججن الحواجب والعيونا فنصب العيون لاتباعها والحواجب وهي لا تزجج إنما تكحل فأضمر لها الكحل.

1085-

وَعَنْ كُلِّهِمْ أَنَّ المَسَاجِدَ فَتْحُهُ ... وَفِي أَنّهُ لَمَّا بِكَسْرٍ "صُـ"ـوَى "ا"لعُلا

فتحه بدل من المساجد نحو: أعجبني زيد حسنه وعن كل القراء افتح: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} ؛ لأنه معطوف على: أنه استمع، وكذا: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا} ، وقيل: تقديره ولأن المساجد لله فلا تدعوا كما سبق: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} ، {وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ} ، {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ} ، وإنما نص الناظم على هذا المجمع عليه؛ لئلا يظن أن فيه خلافا؛ لأنه يشمله قوله: مع الواو فافتح أن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015