سورة الشعراء:

927-

وَفِي حَاذِرُونَ الْمدُّ "مَـ"ـا"ثُـ"ـلَّ فَارِهِيـ ... ـنَ "ذَ"اعَ وَخَلْقُ اضْمُمْ وَحَرِّكْ بِهِ الـ"ـعُـ"ـلا

يريد: {وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} قيل: الحذِر والحاذر سواء، وقيل: الحذِر من طُبع على الحذر وقيل: المتيقظ، والحاذر الذي يحذر ما حدث أو المستعد كأنه أخذ حذره، ومعنى قوله: ما ثُلّ؛ أي: ما زال، من قولهم: ثللت الحائط إذا هدمته ويقال للقوم إذا ذهب عزهم: قد ثل عرشهم ثم قال: فارهين ذاع؛ أي: قرأه بالمد من قرأ "حاذرون"، وزاد معهم هشام يريد: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ} ، وقيل: أيضا فارهين وفرهين سواء وقيل: فارهين حاذقين وفرهين أشرين أو كيسين أو فرحين، ثم قال: وخلق اضمم يريد: {إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ} اضمم خاءه وحرك به؛ أي: حرك اللام بالضم وإنما احتاج إلى قوله: به؛ لأن مطلق التحريك هو الفتح فيصير خلق؛ أي: إن هذا إلا عادة الأولين يشيرون إلى الحياة والموت أو إلى دينهم أو إلى ما جاء به، كما قالوا عنه: {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} ، وخَلْق بفتح الخاء وسكون اللام بمعنى كذب الأولين أو يكون إشارة إلى خلقهم،؛ أي: ما نحن إلا كالأولين في الحياة والموت، ثم رمز لمن ضم الخاء واللام، فقال العلا كما في ند في البيت الآتي، فالعلا مبتدأ وما بعده الخبر،؛ أي: ذو العلا كالذي في مكان ند أو كالذي في كرم أو أراد أنه خبر مبتدأ محذوف ذاك هو العلا والله أعلم.

928-

"كَـ"ـمَا "فِـ"ـي "نَـ"ـدٍ وَالأيْكَةِ اللامُ سَاكِنٌ ... مَعَ الْهَمْزِ وَاخْفِضْهُ وَفِي صَادَ "غَـ"ـيْطَلا

يريد: {أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ} هنا وفي صاد قرأهما الحرميان وابن عامر "لَيْكة" بفتح اللام من غير همز وفتح التاء، وأجمعوا على الذي في الحجر والذي في ق أنها الأيكة بإسكان اللام وبعده همزة وبخفض التاء، وإنما خص ما في الشعراء وص بتلك القراءة،؛ لأن صورته في الرسم كذلك، واختارها أبو عبيد، وضعفها علماء العربية، قال أبو عبيد: لا أحب مفارقة الخط في شيء من القرآن إلا ما تخرج من كلام العرب وهما ليس بخارج من كلامها مع صحة المعنى في هذه الحروف، وذاك أنا وجدنا في بعض التفسير الفرق بين الأيكة وليكة، فقيل: ليكة هي اسم القرية التي كانوا فيها والأيكة البلاد كلها فصار الفرق فيما بينهما شبيها بفرق ما بين بكة ومكة، ورأيتهن مع هذا في الذي يقال له: الإمام مصحف عثمان مفترقات، فوجدت التي في الحجر والتي في ق: "الأيكة"، ووجدت التي في الشعراء والتي في صاد: "ليكة"، ثم أجمعت عليها مصاحف الأمصار كلها بعد فلا نعلمها إذا اختلفت فيها وقرأها أهل المدينة على هذا اللفظ الذي قصصنا؛ يعني: بغير ألف ولام ولا إجراء، هذه عبارته وليست سديدة؛ فإن اللام موجودة في "ليكة"، وصوابه بغير ألف وهمزة قال: فأي حجة تلتمس أكثر من هذا فبهذه نقرأ على ما وجدناه مخطوطا بين اللوحين.

قال أبو العباس المبرد في كتاب الخط: كتبوا في بعض المواضع: {كَذَّبَ أَصْحَابُ لْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} بغير ألف؛ لأن الألف تذهب في الوصل، ولذلك غلط القارئ بالفتح فتوهم أن "ليكة" اسم شيء وأن اللام أصل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015