قلت: فعلى هذا يكون قوله: بعد ذلك: {وَقَمَرًا مُنِيرًا} من باب قوله: {وَمَلائِكَتِِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} ، والإفراد للشمس كما جاء في سورة النبأ: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا} ، وفي سورة نوح: {وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} 1.

وقيل: المراد بالسرج النجوم دون الشمس وهي المصابيح المذكورة في الآية الأخرى، فكأنه سبحانه أشار إلى ما يظهر في السماء ليلا، وهو القمر والنجوم، والقراءة بالإفراد تحتمل ذلك على إرادة الجنس كما في نظائره أو أراد به الشمس فيكون مجموع القراءتين الصحيحتين قد أفاد مجموع النجوم والقمرين "وولا" بالكسر وهو مفعول له أو حال؛ أي: لأجل المتابعة أو ذوي متابعة.

924-

وَلَمْ يَقْتِرُوا اضْمُمْ "عَمَّ" وَالكَسْرَ ضُمَّ "ثِـ"ـقْ ... يُضَاعَفْ وَيَخْلُدْ رَفْعُ جَزْمٍ "كَـ"ـذِي "صِـ"ـلا

أي: اضمم أوله وضم أيضا كسره وهو في الثاني، وإنما قال: في الثاني ضم الكسر، ولم يقل في الأول ضم الفتح؛ لأن الكسر ليس ضدًّا للضم والفتح ضده فالذين ضموا الثاني فتحوا الأول والذين ضموا الأول كسروا الثاني والباقن فتحوا الأول وكسروا الثاني وهم ابن كثير وأبو عمرو، قرءا من قتر يقتِر مثل ضرب، والكوفيون من قتر يقتُر مثل يقتل، ونافع وابن عامر من أقتر يُقتِر مثل أكرم يكرم، وكل ذلك لغات في تضييق النفقة، وقيل: أقتر خلاف أيسر يدل عليه على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، وقال في معنى التضييق: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} فهذا من قتر وفي مضارعه لغتان؛ الكسر والضم مثل يعكفون ويعرشون، وقال أبو حاتم: لا وجه للإقتار ههنا، إلا أن يذهب به إلى أن المسرف يفتقر سريعًا، قال أبو جعفر النحاس: تعجب أبو حاتم من قراءة أهل المدينة هذه؛ لأن أهل المدينة عنده لا يقع في قراءتهم الشاذ، وتأول لهم أن المسرف يفتقر سريعا، قال: وهذا تأويل بعيد، ولكن التأويل لهم أن أبا عمرو الجرمي حكى عن الأصمعي أنه يقال للإنسان إذا ضيق قتر يقتر ويقتر وقتر يقتر وأقتر يقتر، قال: فعلى هذا تتضح القراءة، وإن كان فتح الياء أصح وأقرب متأولا وأشهر وأعرف، ومن أحسن ما قيل في معناه: قول أبي عبد الرحمن الجبلي من أنفق في غير طاعة الله فهو الإسراف، ومن أمسك عن طاعة الله فهو الإقتار، ومن أنفق في طاعة الله فهو القوام. أما: "يضاعفُ له العذاب يوم القيامة ويخلدُ"، فالرفع فيهما على الاستئناف، والجزم على البدل مِن "يلق أثاما"؛ لأنهما في معنى واحد، وقوله: رفع جزم؛ أي: ذو رفع جزم فيهما، وقوله: "كذى صلا" في موضع الحال؛ أي: مشتهرا اشتهار ذي الصلاء؛ أي: موقد النار لقصد جمع الأصناف، أو يكون التقدير: كن كذي صلا؛ أي: تقرأ العلم لأضيافك وهم المستفيدون المستحقون لذاك.

925-

وَوَحَّدَ ذُرِّيَّاتِنَا "حِـ"ـفْظُ "صُحْبَةٍ" ... وَيَلْقَوْنَ فَاضْمُمْهُ وَحَرِّكْ مُثَقِّلا

يريد: "ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا" إفراد الذرية وجمعها ظاهران، وقد سبق مثلهما في الأعراف،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015