ابن إسحاق يذهبان، قال: ورأيت أبا إسحاق وأبا الحسن علي بن سليمان يذهبان إليه. قلت: وهذا القول يضعفه دخول اللام في خبر المبتدأ فأنشدوا على ذلك أبياتا وقع فيها مثل ذلك، واستنبط الزجاج لها تقديرا آخر وهو: "لهما ساحران" فتكون داخلة على مبتدأ ثم حذف للعلم به، واتصلت اللام بالخبر دلالة على ذلك قال: وكنت عرضته على عالمنا محمد بن يزيد وعلى إسماعيل بن إسحاق بن حماد بن يزيد؛ يعني: القاضي فقبلاه، وذكرا أنه أجود ما سمعناه في هذا، وقال أبو علي: هذا تأويل غير مرتضًى عندي؛ إذ يقبح أن يذكر التأكيد ويحذف تفسير المؤكد، أو شيء من المؤكد. القول الثالث: قال الزجاج: النحويون القدماء، الهاء ههنا مضمرة، المعنى: "إنه هذان لساحران"؛ يعني "إنه" ضمير الشأن والجملة بعده مبتدأ وخبر وفيه بعد من جهة اللام كما سبق ومن جهة أخرى، وهي حذف ضمير الشأن فذلك ما يجيء إلا في الشعر، ومنهم من قال ضمير الشأن والقصة موجود وهو أنها ذان فيكون اسم الإشارة خاليا من حرف التنبيه ولكن هذا يضعفه مخالفة خط المصحف، فبان لمجموع ذلك ضعف هذه القراءة؛ فإنها إن حملت على تلك اللغة فهي لغة مهجورة غير فصيحة، ولأن لغة القرآن خلافها بدليل قوله تعالى: {إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} ، وجميع ما فيه من ألفاظ التثنية؛ فإنها إنما جاءت على اللغة الفصيحة التي في الرفع بالألف وبالياء في النصب والجر، وإن حملت على "أن"، "إن": بمعنى نعم فهي أيضا لغة قليلة الاستعمال ويلزم منه شذوذ إدخال لام التوكيد في الخبر كما سبق، وإن حملت على حذف ضمير الشأن فهو أيضا ضعيف ويضعفه أيضا اللام في الخبر وقراءة هذين بالياء ووجهها ظاهر من جهة اللغة الفصيحة لكنها على مخالفة ظاهر الرسم، فليس الأقوى من جهة الرسم واللغة معا إلا القراءة بتخفيف إن ورفع هذان، والله المستعان، وقول الناظم: فأجمعوا صل؛ أي: ائت بهمزة الوصل في قوله تعالى: "فاجمعوا كيدهم" وافتح الميم فهو موافق لقوله: {فَجَمَعَ كَيْدَهُ} المتفق عليه، وقراءة الباقين بهمزة قطع وكسر الميم من أجمع أمره إذا أحكم وعزم عليه وكلاهما متقارب، والذي في يونس بالقطع: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} ، وحولا حال وهو العارف بنحو الأمور والله أعلم.

878-

وَقُلْ سَاحِرٍ سِحْرٍ "شَـ"ـفَا وَتَلَقَّفُ ارْ ... فَعِ الْجَزْمَ مَعْ أُنْثى يُخَيَّلُ "مُـ"ـقْبِلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015