قلت: ليس بمجهول؛ فقد نسبه غيره إلى الأغلب العجلي الرجز، ورأيته أنا في أول ديوانه، وأول هذا الزجر:

أقبل في ثوبي معافريّ ... بين اختلاط الليل والعشيّ

وهذه اللغة باقية في أفواه الناس إلى اليوم، يقول القائل: ما فيّ أفعل كذا، وفي شرح الشيخ: قال حسين الجعفي: سألت أبا عمرو بن العلاء عن كسر الياء فأجازه، وهذه الحكاية تروى على وجوه ذكرها ابن مجاهد في كتاب الياءات من طرق، قال خلاد المقرئ: حدثنا حسين الجعفي قال: قلت لأبي عمرو بن العلاء: إن أصحاب النحو يلحنوننا فيها فقال: هي جائزة أيضا؛ إنما أراد تحريك الياء فليس يبالي إذا حركتها، وفي رواية: لا تبالي إلى أسفل حركتها أو إلى فوق، وفي رواية: سألت أبا عمرو بن العلاء عنها فقال: من شاء فتح ومن شاء كسر، وقال خلف: سمعت حسين الجعفي يروي عن أبي عمرو بن العلاء فقال: إنها بالخفض حسنة، وقال محمد بن عمر الرومي: حدثني الثقة عن حسين الجعفي قال: قدم علينا أبو عمرو بن العلاء فسألته عن القرآن فوجدته به عالما، فسألته عن شيء قرأ به الأعمش واستشنعته: "وَمَا أَنْتُمْ بِمُْرِخِيِّ" بالجر فقال جائزة، قال: فلما أجازها أبو عمرو، وقرأ بها الأعمش أخذت بها قال: وهي عند أهل الأعراب ليست بذاك، فهذا معنى قول الناظم: مع ولد العلا؛ يعني: أن أبا عمرو حكى هذه اللغة ونقلها، وعلى ضعفها وشذوذها قد وجهها العلماء بوجهين أحدهما أن ياء الإضافة شبهت بهاء الضمير التي توصل بواو إذا كانت مضمومة وبياء إذا كانت مكسورة وتكسر بعد الكسر والياء الساكنة، ووجه المشابهة أن الياء ضمير كالهاء كلاهما على حرف واحد يشترك في لفظه النصب والجر، وقد وقع قبل الياء هنا ياء ساكنة فكسرت كما تكسر الهاء في عليه وبنو يربوع يصلونها بياء كما يصل ابن كثير نحو عليه بياء، وحمزة كسر هذه الياء من غير صلة؛ لأن الصلة ليست من مذهبه، ومعنى المصرخ المغيث، وأصل "مصرخيّ": مصرخيني حذفت النون للإضافة فالتقت الياء التي هي علامة الجر مع ياء الإضافة فأدغمت فيها، وتوجيه هذه اللغة بهذا الوجه هو الذي اعتمد عليه أبو علي في كتاب الحجة فقال: وجه ذلك من القياس أن الياء ليست تخلو من أن تكون في موضع نصب أو جر فالياء في النصب والجر كالهاء فيهما وكالكاف في: أكرمتك وهذا لك، فكما أن الهاء قد لحقتها الزيادة في هذا لهو وضربهو، ولحق الكاف أيضا الزيادة في قول من قال: أعطيتكاه وأعطيتكيه فيما حكاه سيبويه وهما أختا الياء ولحقت التاء الزيادة في نحو قول الشاعر:

رميتيه فأصميت ... وما أخطأت الرميهْ

كذلك ألحقوا الياء الزيادة من المد فقالوا في ثم حذفت الياء الزائدة على الياء كما حذفت الزيادة من الهاء في قول من قال: له أرقان، وزعم أبو الحسن أنها لغة.

قلتُ: ليس التمثيل بقوله: له أرقان مطابقا لمقصوده؛ فإن الهاء ساكنة حذفت حركتها مع حذف صلتها، وليس مراده إلا حذف الصلة فقط فالأولى لو كان مثل بنحو: عليه وفيه، ثم قال أبو علي: وكما حذفت الزيادة من الكاف فقيل: أعطيتكه وأعطيتكيه كذلك حذفت الياء اللاحقة للياء كما حذفت من أختها وأقرت الكسرة التي كانت تلي الياء المحذوفة فبقيت الياء على ما كانت عليه من الكسر قال: فإذا كانت هذه الكسرة في الياء على هذه اللغة وإن كان غيرها أفشى منها وعضده من القياس ما ذكرنا لم يجز لقائل أن يقول: إن القراءة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015