الأمر الثاني: أن جميع هذه المواضع الأربعة المختلف فيها منصوبة والخلاف واقع في إثبات التنوين وعدمه فقط، أما قوله: وإلى ثمود فمجرور فلا يكفي فيه ذكر التنوين بل لا بد من جره عند من صرفه كما ذكر بعد ذلك في "لثمود" فلم يدخل في مراده والله أعلم، قال سيبويه: وثمود وسبأ هما مرة للقبيلتين ومرة للحيين وكثرتهما سواء، قال أبو علي: فمن صرف في جميع المواضع كان حسنا، ومن لم يصرف في جميع المواضع فكذلك، وكذلك إن صرف في موضع ولم يصرف في موضع آخر إلا أنه لا ينبغي أن يخرج عما قرأت به القراء؛ لأن القراءة سنة فلا ينبغي أن نحمل على ما تجوزه العربية حتى ينضم إلى ذلك الأثر من قراءة القراء، وقول الناظم: على فصل؛ أي: على قول فصل والله أعلم.

واختار أبو عبيد قراءة التنوين في هذه المواضع الأربعة،؛ لأنها رسمت بألف بعد الدال وهو دليل الصرف.

763-

"نَـ"ـما لِثَمُودٍ نَوِّنُوا وَاخْفِضُوا "رِ"ضا ... وَيَعْقُوبُ نَصْبُ الرَّفْعِ "عَـ"ـنْ "فَـ"ـاضِلٍ "كَـ"ـلا

نما من تتمة رمز الذي في النجم، ثم ابتدأ لثمود أراد: "أَلا بُعْدًا لِثَمُودٍ"؛ صرفه الكسائي فخفضه ونونه موافقة لما قبله وهو: "ألا إن ثمودًا"، وفتحه الباقون غير منون؛ لأنه غير مصروف، وقوله: رضى؛ أي: ذوي رضى، وموضع لثمود نصب ما بعده، وقرئ يعقوب بالنصب والرفع، فالنصب على تقدير: ووهبنا لها يعقوب من وراء إسحاق، ودل عليه معنى قوله تعالى: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ} ؛ لأنه في معنى وهبنا، واختاره أبو علي، وذكر وجهين آخرين على ضعف فيهما؛ أحدهما: أن يكون مجرورًا عطفًا على إسحاق، والثاني أن يكون منصوبًا عطفًا على موضع بإسحاق؛ أي: فبشرناها "بإسحاق" ويعقوب من وراء إسحاق، وضعفهما من جهة الفصل بين واو العطف والمعطوف بالظرف فهو كالفصل بين الجار والمجرور، ولو قلت: مررت بزيد اليوم وأمس عمرو على تقدير وبعمر وأمس لم يحسن ولكن في الشعر يحتمل مثل ذلك كما جاء بكف -يوما- يهودي

ومثله في الفصل بين حرف العطف والمرفوع وآونة أثالي وفي المنصوب:

ويوما أديمها نغلا

في بيتين معروفين أنشدهما أبو علي وغيره الأول لابن أحمر والثاني للأعشى، وله نظير في إعراب بعضهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015