وعلى قراءة أبي عبد الرحمن السلمي السابقة وهذا أوجه من القراءة لا استبعاد فيه لفظا ولا معنى، قال الزجاج: وقد رويت شركائهم بالياء في بعض المصاحف، ولكن لا يجوز إلا على أن يكون شركاؤهم من نعت أولادهم؛ لأن نعت أولادهم شركاؤهم في أموالهم، وقال ابن النحاس: فيها أربع قراءات فذكر ما ذكرناه، ونسب قراءة السلمي إلى الحسن أيضا، ونسب القراءة الرابعة إلى أهل الشام، فقال: وحكى غير أبي عبيد عن أهل الشام أنهم قرءوا "زين" بالضم، "قتل" بالرفع، وخفض "أولادهم" "شركائهم" بالخفض أيضا على أن يبدل شركائهم من أولادهم؛ لأنهم شركاؤهم في النسب والميراث، وذكر الفراء القراءتين الأوليين برفع شركائهم ثم قال: وفي بعض مصاحف أهل الشام شركائهم بالياء فإن تكن مثبتة عن الأولين، فينبغي أن يقرأ زين ويكون الشركاء هم الأولاد؛ لأنهم منهم في النسب والميراث، فإن كانوا يقرءون زين بفتح الزاي فلست أعرف جهتها إلا أن يكونوا فيها آخذين بلغة قوم يقولون: أتيتها عشايا، ويقولون في تثنية حمراء: حمرايان فهذا وجه أن يكونوا أرادوا: "زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم"؛ يعني: بياء مضمومة؛ لأن شركائهم فاعل زين كما هو في القراءة العامة، قال: وإن شئت جعلت زين فعلا إذا فتحته لا يلبس ثم يخفض الشركاء باتباع الأولاد قلت: يعني: تقدير الكلام زين مزين فقد اتجه شركائهم بالجر أن يكون نعتا للأولاد سواء قريء زين بالفتح أو بالضم وتفسير الشركاء على قراءة الجماعة هم خدم الأصنام أو الشياطين زينوا للكفرة أن يقتلوا أولادهم بالوأد وبالنحر للآلهة، وعلى قراءة ابن عامر يكون الشركاء هم القاتلين؛ لأنهم لما زينوا للمشركين قتل أولادهم صاروا كأنهم كانوا هم القاتلين في المعنى والله أعلم.

672-

وَمَفْعُولُهُ بَيْنَ المُضَافَيْنِ فَاصِل ... وَلَمْ يُلْفَ غَيْرُ الظَرْفِ فِي الشِّعْرِ فَيْصَلا

يعني: أن المفعول في قراءة ابن عامر وهو "أولادهم" الذي هو مفعول القتل وقع فاصلا بين المضاف والمضاف إليه؛ لأن قتل مضاف إلى شركائهم، وأكثر النحاة على أن الفصل بين المضافين لا يجوز إلا بالظرف في الشعر خاصة: فهذا معنى قوله: ولم يلف؛ أي: لم يوجد غير الظرف فيصلا بين المضاف والمضاف إليه وأما في كلام غير الشعر فلم يوجد الفصل بالظرف فكيف بغيره ذكر الناظم -رحمه الله- ما اعترض به على قراءة ابن عامر ثم مثل بالظرف فقال:

673-

كَلِلَّهِ دَرُّ اليَوْمَ مَنْ لامَهَا فَلا ... تَلُمْ مِنْ سُلِيمِي النَّحْوِ إِلا مُجَهِّلا

أراد: بيتا أنشده سيبويه وغيره وهو لعمرو بن قميئة:

لما رأت ساتيذ ما استعبرت ... لله در -اليوم- من لامها

يريد: لله در من لامها اليوم، أنشد سيبويه أيضا لأبي حية النميري:

كما خط الكتاب بكف يوما ... يهودي ... ..... ......

أي بكف يهودي يوما، وأنشد لدرنا بنت عتبة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015