النحل، ومن قبل فيهم يكسر النون نافع، ويشبه ذلك تعبيره عن "ستجدني" بقوله: وما بعده إن شاء؛ لأن في ستجدني خمس متحركات متواليات وذلك ممتنع في الشعر، والأصل: أتحاجونني بنونين الأولى علامة رفع الفعل، والثانية نون الوقاية فللعرب في مثل ذلك ثلاث لغات؛ إبقاء النونين على حالهما كما قال تعالى في سورة سبأ: {إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ} 1، وإدغام الأولى في الثانية على أصل قاعدة الإدغام فيلزم من ذلك النطق بنون مشددة واللغة الثالثة حذف إحدى النونين فبقي نون واحدة مخففة كرهة للتضعيف وقد قرئ بهذه اللغات الثلاث في سورة الزمر: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} 2.

كما يأتي قرئ: {أَتَعِدَانِنِي} 3، في الأحقاف بالإظهار والإدغام دون الحذف ولم يقرأ هنا بالإدغام والحذف وقيل: إن الحذف لغة غطفان، وقوله: من له أتى؛ أي: خفف النون القارئ الذي أتى التخفيف له؛ أي: الذي وصل إليه نقله، وورد إليه خبره وعرفه قراءة، ولغة خلافا لمن أنكر الحذف، وقوله: بخلف يعني: عن هشام وحده لإطلاقه فرجع إلى من يليه وهو المرموز في له دون "من"، وقوله: والحذف لم يك أولا يعني: أن المحذوفة من النونين هي الثانية دون الأولى؛ لأن الاستثقال بها وقع، ولأن الأولى تقوم مقامها في وقاية الفعل وهي دالة على رفع الفعل، ففي حذفها إخلال، ولأن الأولى قد تكون ضمير الفاعل وذلك نون جماعة المؤنث نحو أكرمتني، وقد جاء الحذف في فليتى وتخوفني، والأصل: فليتني فلا ينبغي أن يقال الفاعل حذف، وبقي نون الوقاية، وأيضا فقد حذفت نون الوقاية؛ حيث لم يجتمع مع غيرها في نحو قدى وليتى ولعلى ففهم أنها هي المجترأ على حذفها في جميع المواضع ولا ضرورة تلجئ إلى الكشف عن مثل هذا والبحث عنه، ولكنه من فوائد علم العربية، وقد تعرض له أبو علي في الحجة ويأتي مثل هذا في سورة الحجر.

651-

وَفي دَرَجَاتَ النُّونِ مَعْ يُوسُفٍ "ثَـ"ـوَى ... وَوَالَّليْسَعَ الْحَرْفانِ حَرِّكْ مُثَقِّلا

يعني: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} 4 هنا مع حرف يوسف، وعنى بالنون: التنوين في درجات، وثوى؛ أي: أقام التنوين فيها وتقديرها نرفع درجات من نشاء فيكون درجات منصوبا على التمييز أو الحال؛ أي: ذوي درجات أو على إسقاط الخافض؛ أي: في درجات ويشهد لهذه القراءة قوله تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015