القراءتين ظاهر، وضاق عليه البيت عن بيان أن في هذه السورة موضعين كما قال في البقرة: معا قدر حرك، ومثله قوله في الأعراف: والخف أبلغكم حلا، ولم يقل معا، وهو في قصتي نوح وهود وكلا أي: كلاه؛ أي: حفظه قارئه فرواه لنا، والله أعلم.

593-

وَهذَانِ هاتَيْنِ الَّلذَانِ الَّلذَيْنِ قُلْ ... يُشَدَّدُ لِلْمَكِّي فَذَانِكَ "دُ"مْ "حَـ"ـلا

التشديد في هذه الكلمات في نوناتها ولم يبينه؛ لظهوره، أو لأن كلامه في النون في قوله: ندخله نون فكأنه قال: تشدد نون هذه الكلمات لابن كثير والتشديد والتخفيف في ذلك كله لغتان، وأراد: {هَذَانِ خَصْمَانِ} 1، {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} 2، {إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} 3، {وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} 4، {أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا} 5، {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ} 6.

التشديد عوض من الألف المحذوفة من هاذان وهاتين وفذانك، ومن الياء المحذوفة في اللذان واللذين حذفتا؛ لسكون ألف التثنية بعدهما شدد الجميع ابن كثير، ووافقه أبو عمرو على تشديد: {فَذَانِكَ} ، وقراءة الباقين بالتخفيف على قياس نونات التثني مطلقا، وقوله: دم حلا؛ أي: ذا حلا، وأراد "فذانك" بالتشديد؛ لأن الكلام فيه، ولقائل أن يقول: إنما لفظ به مخففا فيدخل في قوله: وباللفظ أستغني عن القيد، وجوابه: أنه لم يمكنه اللفظ به مشددا؛ لامتناع اجتماع الساكنين في الشعر، فلم يبق اللفظ جاليا للمقصود.

594-

وَضُمَّ هُنَا كَرْهًا وَعِنْدَ بَرَاءةٍ ... "شِـ"ـهَابٌ وَفي الأَحْقَافِ "ثُـ"ـبِّتَ "مَـ"ـعْقِلا

الضم والفتح في هذا لغتان كالضعف والضعف وفي الأحقاف موضعان، وقوله: عند براءة؛ أي: فيها كما تقول: عندي كذا؛ أي: في ملكي يريد فيما حوته براءة من الآيات، وكما تجوز عما هو عندي بقي في قوله: ولا ألف في ها "هأنتم" على ما سبق تجوز هنا بعكس ذلك، وكان له أن يقول: وما في براءة أو وكرها هنا وفي براءة ضمه شهاب، ومعقلا تمييز أو حال، والضمير في ثبت للحرف المختلف فيه أو لشهاب؛ أي: ثبت معتلا أو مشبها معقلا، المعقل: الملجأ، يقال: فلان معقل لقومه، وأصله الحصن:

595-

وَفي الكُلِّ فَافْتَحْ يَا مُبَيِّنَةٍ "دَ"نَا ... "صَـ"ـحِيحًا وَكَسْرُ الجَمْعِ "كَـ"ـمْ "شَـ"ـرَفًا "عَـ"ـلا

أي كم علا شرفا والمميز محذوف؛ أي: كم مرة علا شرفا، والجمع يعني به مبينات جمع مبينة فوجه الفتح فيهما ظاهر؛ أي: بينها من يدعيها، "وآيات مبينات" بيَّنها الله سبحانه، وبالكسر يجوز أن يكون لازما،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015