عنه؛ يعني: عن حفص، والغيب والخطاب في قوله: {خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} 1 كما تقدم في: {بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ، وأما {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلّ} 2 فقواه: إذ شاع كفلا على البناء للمفعول، ومعنى كفل؛ أي: حمل، يعني: أن هذه القراءة حَمَّلها السلفُ الخلفَ لما كانت شائعة، ومعناها يوجد غالًّا أو ينسب إلى الغلول أو يغل منه؛ أي: يخان بأن يؤخذ من الغنيمة قبل أن يقسمها، والغلول الأخذ في خفية، ومن قرأ: يغل على البناء للفاعل فهو ظاهر؛ أي: أنه لا يفعل ذلك واختار ذلك أبو عبيد وأبو علي وقالا: أكثر ما يجيء الفعل بعد ما كان لكذا أن يفعل منسوبا إلى الفاعل نحو: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ} 3، {مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ} 4، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ} 5.

فإن قلت: كل واحدة من القراءتين مشتملة على ضم وفتح فكيف تميز إحداهما من الأخرى قلتُ: كأنه استغنى بالترتيب عن تقييد ذلك فضم أولا ثم فتح الضم فيكون الضم في الياء وفتح الضم في الغين والواو وإن كانت لا تقتضي الترتيب على المذهب المختار إلا أن المذكور بها جائز أن يكون مرتبا في نفس الأمر ولا بد أن يريد بذلك إحدى القراءتين ودلنا على هذه القراءة ظاهر لفظه إذ لو أراد الأخرى لقال: وفتح أن يغل وضم الفتح حقك نولا أو دام ندحلا أو نل دائما حلا، ونحو ذلك.

576-

بِمَا قُتِلُوا التَّشْدِيدُ "لَـ"ـبَّى وَبَعْدَهُ ... وَفي الحَجِّ لِلشَّامِي وَالَاخِرُ "كَـ"ـمَّلا

أي التشديد بهذا اللفظ، وهو قوله تعالى: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} .

والذي بعده: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا} 6، والآخر: {وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا} 7.

يقرأ جميع ذلك بالتشديد والتخفيف، وفي التشديد معنى التكثير، فأما قوله: قبل ذلك: {مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} ، {لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً} 8، فمخفف بلا خلاف، ويعلم ذلك من كونه تعداه ولم يذكره، واشتغل بذكر متم ويغل ويجمعون ويمتاز هنا أيضا من الأول المختلف فيه بكون هذا في أوله واو وذلك لا واو في أوله فقوله: "بما قتلوا"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015