وفي مد عين ثم شيء وسوءة ... خلاف جرى بين الأئمة في مصرِ

فقال أناس مده متوسط ... وقال أناس مفرط وبه أُقْري

فإن قلت: كيف عبر الناظم -رحمه الله- عن المد المتوسط بلفظ القصر؟، وهلا كان المفهوم منه عدم المد مطلقا كما استعمله بهذا المعنى في قوله فيما تقدم: فإن ينفصل فالقصر ... وقوله: وفي نحو طه القصر ... ؟ قلت: كأنه قال بمد طويل ومد قصير.

ووجه التعبير عنه بالتوسط أنه مذهب بين مذهبين؛ الإفراط في المد وعدمه الذي هو لسائر القراء؛ لأن الياء والواو متى ما انفتح ما قبلهما لم يكن فيهما مد، وإن كانا قابلين له لو فعل فيهما لأجل همز أو ساكن كما سيأتي، والدليل على أنهما لا مد فيهما له إجراؤهما مجرى الحروف الصحيحة في إدغامهما في مثلهما نحو:

{عَصَوْا وَكَانُوا} 1، {آوَوْا وَنَصَرُوا} 2. واخشي يا هند. وإذا كانت حركة ما قبلهما من جنسهما فلا إدغام لما فيهما من المد، فجاز أن يعبر عن ذلك المد بالقصر أي لا يزاد عليه، وهنا لما لم يكن فيهما مد كان القصر عبارة عن مد يسيرٍ يصيران به على لفظهما إذا كانت حركة ما قبلهما من جنسهما.

ووجه قراءة ورش أن العرب أعطتهما وإن انفتح ما قبلهما حكمَ ما لم ينفتح في إدغام ما هما قبله، نحو: ثوب بكر ودويبة، وفي اجتماع النوعين ردفا في الشعر، ولا يدغمان في مقاربهما، ولا ينقل إليهما حركة الحرف الموقوف عليه في نحو: زيد وعون من لغته النقل في بكر ونصر، وذلك للمد المقدر فيهما فينزل منزلة الحركة، ثم قال: وعند سكون الوقف أراد أن يبين حكم الياء والواو المفتوح ما قبلهما عند لقائهما للساكن بعد أن بيَّن حكمهما عند الهمز، وهذا كما ذكر حكم حروف المد واللين عند الهمز ثم ذكر حكمهما عند الساكن وقد تقدم.

يعني إذا وقعت الياء والواو المفتوح ما قبلهما قبل حرف سكن للوقف همزة كان أو غيره فالوجهان المذكوران وهما المد المشبع والمتوسط أعملا لجميع القراء نحو شيء وسوء وميت وخوف، وأعملا بمعنى استعملا كقول نابغة بني شيبان:

أمدح الكاس ومن أعملها ... وأهجُ قوما قتلونا بالعطش

181-

وَعَنْهُمْ سُقُوطُ الْمَدِّ فِيهِ وَوَرْشُهُمْ ... يُوَافِقُهُمْ فِي حَيْثُ لَا هَمْزَ مُدْخَلا

ذكر وجها ثالثا عن القراء وهو عدم المد في حرف اللين قبل الساكن للوقف، فصار لهم فيه ثلاثة أوجه ووافقهم ورش عليها في الوقف على كل ما لا همز فيه نحو: {رَأْيَ الْعَيْنِ} 3، {إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} 4 و {فَلا فَوْتَ} 5 و {الْمَوْتَ} 6.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015